من منا يعرف أهداف الحوار ومحاوره ونتائجه سوى المتحاورين، فكل ما عرفنا عنه هو العفو الكريم عن أصحاب الرأي والموقف السياسي، والغالبية تتحدث عن المهجرين في تركيا، ومما لا شك فيه أن معظم المواطنين فرحون لعودتهم وينتظرونها بشوق ولهفة. ولكن الغموض الذي أحاط بالحوار الوطني ومازال أدخل الناس في ظلمة التخمين وانقسموا إلى فريقين بدلاً من أن يتحدوا حوله، بل حتى المهجرين المتوقع شمولهم بالعفو الكريم اختلفوا عليه، الأمر الذي أدخل الناس في نفق الشك والتشكيك في الحوار وأهدافه، وما زال أطراف الحوار لم يفصحوا عنه ولم يخرج أي منهم ليبين للناس محاوره وأهدافه ونتائجه سوى أن عفواً كريماً سيصدر قريباً لمجموعة ممن أدينوا بقضايا الرأي والموقف السياسي، ولا يعتقد الكثير بأنه محور للنقاش لأنه حق دستوري لسمو الأمير وفقاً للمادة (75)، في حين هناك من يعتبر العفو الكريم الذي أعلنه الديوان الأميري المحور الرئيس، وأن إنجازه نجاح للحوار الوطني وأطرافه، ولا شك أن اللعبة السياسية تبيح كل ما هو متاح ليحقق أطرافها النجاح، ولكن ثم ثوابت وقيم دستورية تمنع ذلك إن كان النجاح يخدم أطرافها فقط، وعلى حساب الأمة والوطن والدستور، ولأن عودة المهجرين باتت مطلباً شعبياً ملحاً، فمن الطبيعي أن يستغلها أطراف الصراع والكتل السياسية لتحقيق مكاسب شعبوية وانتخابية، ولكن ليس بالضرورة أن ذلك سينهي حالة العبث والصراع السياسي ويطوي صفحة التصعيد والمواجهة بين السلطتين خصوصا بعد الانقسام الذي حدث لكتلة الـ31 ونجاح خصومها بتفكيكها. يعني بالعربي المشرمح: قد يكون النجاح الذي يشعر به أطراف الحوار ويسوقون له محفوفاً بالمخاطر، وقد يكون وقتياً حتى صدور مرسوم العفو، لكنه لن ينهي حدة الصراع بين الأطراف المتخاصمة ولن يحقق استقراراً سياسياً على المدى القريب، وستكون الملفات العالقة خصوصاً فيما يتعلق بالقضايا الشعبية والاقتصادية شرارة التصعيد القادم، الأمر الذي يستدعي من أطراف الحوار الإفصاح وبشفافية عن ماهية الحوار ونتائجه كي لا يكون للإشاعات والتأويل مكان للتكسب وتصفية الحسابات.
مشاركة :