مطلب التفكير قبل التكفير | محمد سالم الغامدي

  • 11/7/2015
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

وأنا أستلهم ما قرأته عن حالة أوربا في العصور الوسطى التي تمتد من القرن الرابع حتى القرن الرابع عشر الميلادي تبدَّى لي بوضوح حالة التشابه بين تلك المرحلة وما يعيشه عالمنا العربي خلال عصرنا الحديث ، ولعلي هنا أطرح أبرز سمات تلك المرحلة كما عاشها أبناؤها في تلك الفترة حيث يمكن اختصارها في عدة أمور أبرزها : - إن الكنيسة أخذت تظهر على درجة كبيرة من القوة والثروة وأصبحت تسيطر على الإمبراطورية ممثلة في رجالها كما مارست حالة الإذلال والاستعباد لأتباعها باسم الدين والدين منه براء حتى بلغت تلك السيطرة الى قيامها بمنح صكوك للغفران مقابل مبالغ مالية مرتفعة وفرض عقيدة التثليث واضطهاد كل المخالفين لها بالإضافة الى سيطرتها السياسية بعد أن تحول رجالها الى طواغيت سياسية والى جانب ذلك عاشت طغيانها المالي والاقطاعي . - تكفير واضطهاد من يخالف أوامر الكنيسة وخاصة بعد أن تشعبت اتجاهات رجالها بين الطامع مالياً والطامع سياسياً كما تكونت علاقات وطيدة بين الكنيسة ورجال السياسة بغية تثبيت أماكن سلطة الطرفين من خلال قوة الكنيسة فكان من نتيجة تلك التشعبات في الهدف أن انتشرت حالات القتل والاغتيال بين المتعارضين أفراداً وفئات ،فسادَ التخلف واضطربت الأوضاع السياسية والمالية والاجتماعية مما حدا بالمؤرخين الى إطلاق عصر الظلام على تلك الفترة‍ . وفي ظل تلك الحالة المتردية من التفكك والاضطرابات والتكفير والقتل والجهل برز دعاة التفكير من خلال حركة ثقافية متجددة تمثلت في مرحلة أطلق عليها عصر النهضة حيث امتدت من القرن الخامس عشر حتى القرن السابع عشر الميلادي كان بداية انطلاقها من ايطاليا ثم انتشرت بعد ذلك الى بقية بلدان أوربا فكان من نتيجتها أن ازدهر الأدب وتنامت حالات الإبداعات والمخترعات وهكذا تحول الحال في أوربا الى مرحلة المعرفة ومرحلة التوازن بين السياسة والدين . ولعلي من خلال العرض السابق لحالة العصور الوسطى في أوربا والتي يمكن أن نطلق عليها مرحلة التكفير والاقصاء والاضطهاد والجهل وما تلاها من عصر النهضة الذي اتسم بتنامي حالة التفكير وظهور الزخم الثقافي المنفتح القادر على النقد والتطويع لحالات الطغيان والتسلط والهيمنة والفساد التي يعيشها المجتمع . كما وان من العقل والحكمة أن يستفيد العرب من تلك الدروس وأن يضعوها أمامهم عند بناء التنمية العربية وإزاحة الكثير من المعوقات التي تحمل وجه التشابه بين المرحلة التي يعيشها الوطن العربي وبين تلك المرحلة المظلمة ،وكم هو جميل أن ننطلق في بناء أمتنا العربية من منطلقات التفكير والحكمة والتدبر التي حث عليها ديننا الحنيف في الكثير من آيات القرآن الكريم . والله من وراء القصد.

مشاركة :