عباءات الدين الملونة | د. محمد سالم الغامدي

  • 7/12/2013
  • 00:00
  • 15
  • 0
  • 0
news-picture

عندما اصطفى الله سبحانه نبيه محمد بن عبد الله ليكون خاتماً لرسله ورسالاته السماوية هيأه اجتماعياً ونفسياً وفكرياً لتقبل وإدراك متطلبات إيصال تلك الرسالة العظيمة التي ستواجه كل الأمم بأجناسها وأطيافها وأحزابها وألوانها وستكون طريقاً لهم ونبراساً كما ورد في قوله تعالى ( وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً) وقوله تبارك وتعالى ( قل يا أيها الناس إني رسول اللّه إليكم جميعاً) لذا كانت تلك الدعوة في بدايتها سريعة الانتشار حيث عمت خلال عشرة أعوام كافة أرجاء الجزيرة العربية وخلال ثلاثين عاماً عمت الأغلبية العظمى من بقاع الأرض وكان السر العظيم لذلك الانتشار هو مرونتها وشموليتها في تعاليمها وقيمها ومبادئها فاحتضنت كل الأطياف والأجناس والألوان لكن الشئ المؤسف الذي حدث بعد ذلك أن جاء أقوام غيروا فتغيروا كما قال تعالى (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) فجاء من يتخذ تلك التعاليم والمبادئ مركباً للوصول الى هدف خاص كمالٍ أو جاه او خدمة طائفة أو حزب وجاء من يسد الذرائع ويتمادى في عمليات السد حتى ضيق تلك التعاليم والمبادئ فضاق بها الكثير من البشر وبدأت عمليات التحرر من تلك العمليات السدية وفي المقابل جاء فريق آخر يتمادى في فتح الذرائع حتى بلغت حد الانفلات والخروج عن مطالبها وتناسى كل طرف منهما ان هذا الدين العظيم قد حث على الوسطية في كل شي كما في قوله تعالى ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً ) وهذا ما سار عليه نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم وحث عليه في كل مواقفه وبينه بكل وضوح في أحاديثه الشريفة كما في قوله صلى الله عليه وسلم " إن الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات " متفق عليه. وقوله صلى الله عليه وسلم " ما أحل الله في كتابه فهو حلال، وما حرم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عافيه ، فاقبلوا من الله عافيته، فإن الله لم يكن نسيا " ثم تلا قوله تعالى }وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا{. صححه الشيخ الالباني ثم إن نبي الرحمة أمر كل من حوله وخاصة من أوكل إليهم مهمة الدعوة والإرشاد الى هذا الدين العظيم الالتزام بهذا الامر الرباني حتى يبقى على هذا الأنموذج العظيم قائماً الى يوم الدين . لكن المتتبع لحال أمتنا هذه الايام يجد العجب العجاب من التغيير والتبديل حتى أصبح من السهل على كل من تعولم أن يلتحف بعباءة ذلك الدين بعد ان يلون تلك العباءة باللون البراق الذي يرتضيه للتضليل كشعار يمارس تحته مايريد فنرى البعض يقتل باسم هذا الدين ويفجر باسم هذا الدين ويسرق باسم هذا الدين بل ويجاهر بالمعصية باسم هذا الدين فانحرفت الأمة الإسلامية الى مذاهب وشعب وأطياف وأحزاب كل من منها يرى انه يحتكر الحقيقة لكنهم جميعا غيروا فتغيروا وانحرفوا عن تلك الوسطية التي أمر بها كتابنا العظيم وسنة نبيه الشريفة ولعل ما نعيشه هذه الأيام ليؤكد على عظم حجم ذلك الانحراف وخطورته على بنيان الأمة باكملها ويعطينا صورة بالغة الوضوح عن عظم ذلك الخطر القادم بقوة على أمتنا الإسلامية التي بدأت تعيش حالة التفكك الذي سيؤدي بها حتما الى المزيد من المزالق ان لم يتدارك الوضع القائمون على حماية هذا الدين من القادة الحكماء والعلماء الأجلاء الذين يتصفون بالموضوعية واستشراف المستقبل دون النظر الى رغبة حاكم او محكوم بل النظر الى الامة الإسلامية ككيان واحد لافرق بينهم بشتى بقاع الأرض نظرة تشريع حيادية لانظرة تجزئة سياسية يكون منطلقها كتاب الله كما أكدت آياته الكريمات الواضحات البينات في مدلولاتها ولعل هذا الأمر تحديداً منوط برابطة العالم الإسلامي التي ننتظر دورها في خضم تلك الإحداث حيث يستوجب ان تلعب دورها الحقيقي الذي وضعت من أجله . والله من وراء القصد. للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (43) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain المزيد من الصور :

مشاركة :