همهمات وليست موسيقى! | عبد الله منور الجميلي

  • 11/9/2015
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

يبدو أن فَـريقاً من (رجال الأعمال) عندنا يُـجيدون قراءة واقعـنَـا وتحولاته الفكرية؛ ربما أكثر من بعض المتخصصين! فالسنوات الماضية أثبتتَ قدرتهم على الـتّـلون، ووضع تجارتهم بحسب التوجهات والمزاج الفكري العام للمجتمع، ولاسيما فئة الشباب (وهي النسبة الغالبة في وطننا)! فمثلاً أثناء حُـقْـبَـة ما يُـعْـرف بـ (الصّـحوة الدينية) التي رافقت حَـرب الاتحاد السوفيتي على أفغانستان، وارتفاع حِــدة الأصوات التي تستحث الناشئة للجهاد هناك ظهرت مَـوْجَــة (التسجيلات الإسلامية) التي أصبحت حاضرة في كل شارع وزاوية، وحينها كانت تتنافس على حَـصـرية، ونشر المحاضرات والدروس والأناشيد التي تُـمَـجّــد (ما يحدث على أرض كابل المُـقَـدسَــة)، والشهادات التي كانت تنطق بأنها (فِـعْــلاً) رأت بعيون صادقة أن الدماء البريئة التي سالت هناك وإنْ كانت تحمل لَــوْن الـدّم فإنّ لها رائحة المِـسْــك!!! بل لم تكتفِ تلك الشهادات بتلك المزاعم التي القَــصْــدُ منها إغراء وسَـحب طائفة من شبابنا الطّــيـب للموت في تلك الـدّيار؛ بل تحَــدثت عن (كَــرَامات ومعجزات)، فأحدهم يُــلقي حجارة على دبابة سوفيتية، تنفجر بعدها؛ لأن تلك الكَـوْمَـة من الـرّمل تحولت فجأة لقنابل حارقة!! انتهت تلك الحقبة، وتصارع بعدها أغلب مَـن كانوا يُـعرفُـون بأمراء الجهاد الأفغاني، واكتوت بلادنا بنيران بعض العائدين من هناك بعد أن تـمّـت السيطرة على عقولهم!! بعدها هــدأت تلك الموجة، وربما (ردّة فِـعْــل) لها نَـشِـطتْ أخرى برز فيها التعاطي مع الأفلام والأغاني، فكان رأس المال الذكي حاضراً من خلال تسجيلات الأغاني، ومراكز بيع الأفلام غَـزت الشوارع والأزقـة!! واليوم ومع التفاعل المجتمعي مع مختلف الأحداث والدعوات والتيارات الفكرية، ولأن فئة كبيرة من مجتمعنا توجهت لما يُـسَــمى بـ (الشِّـيْــلات)؛ التي رأوا فيها البديل عن الغِـنَـاء؛ ففيها عاطفة وحُــبّ وإيقاعات؛ فقد تعَدّدت شركات إنتاجها وتوزيعها التي لاتكاد تخلو منها حتى محطات الوقود في طُــرق الـسّـفَــر، وتحول بعض الـمُـطربين إليها، بل بعض أفراد الطبقات المخملية تغنوا بها؛ بحثاً عن المزيد من الشهرة! وهنا عِـدة تساؤلات: هل (المال) أقدر على قراءة الحِـراك الاجتماعي وصناعة ما يريده من أهل الاختصاص؟! وهل تحولات مجتمعنا وتوجهاته المتغيرة أَفْـعَـالٌ أم مجرد رُدود أَفْـعَـال؟ ولمَ نلحظ بأن المؤتمرات والدراسات والأبحاث الاستشرافية عاجزة عن تحديد ملامح المستقبل؛ للتعامل الصَّـحيح وفق معطياته؟! أخيراً قبل أيام ناقشت أحد أصدقائي حول إحدى (الـشّـيْـلات)؛ حيثُ أصَــرّ بأنها الأصوات المصاحبة لإيقاعاتها (فقط) هَـمْـهَــمَــات وآهَات؛ بينما أكدتُ له بأنها قائمة على الموسيقى، فهي سَــمَــكٌ مذبوح على الطريقة الإسلامية؛ فما رأيكم أعزائي؟! aaljamili@yahoo.com

مشاركة :