د. عبدالله الغذامي يكتب: المناخ بوصفه سؤالاً مصيرياً

  • 12/4/2021
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يتحول سؤال المستقبل في راهن الثقافة العالمية ليكون سؤالاً متحدياً بين أن يكون الإنسان إنساناً أو لا يكون، أي بين أن يتصرف بإنسانية أو ينتحر، وما جرى في مؤتمر المناخ في جلاسجو في نوفمبر 2021 يكشف السؤال الكوني اليوم، وهو سؤال يمس الإنسان والبيئة، والإنسان هو من لوث البيئة واعتدى عليها منذ مطالع عمره البشري فهو من يحرق الأشجار ويلوث الأنهار، ومع عصر الصناعة جاء تلويث الطبيعة بأبشع صوره ويزداد التلويث بمقدار ازدياد وعي الإنسان بتلويثه للطبيعة، والإنسان الذي يسمي نفسه متمدناً وديمقراطياً وعادلاً ويقف مع حقوق الإنسان هو نفسه أشد وأطغى فئات البشر تلويثاً وإفساداً في الأرض، كما أنه هو الأشد حروباً واختراعاً لأدوات الحروب وصناعة لأسبابها وهو الأكثر استخداماً لذلك كله، وكم من قنبلة نووية تفجرت بقصد حربي أو بتجريب يسمونه علمياً، أو بحوادث ناتجةٍ عن سوء تصرف أو سوء تخزين، وفي الوقت ذاته، فهذا الفاعل المدني نفسه هو من يتنادى لاتخاذ مواقف لحماية البيئة وإنقاذ ما يمكن إنقاذه منها، ولكنه رغم تناديه يظل يمارس الإفساد في الأرض من دون وازع، واتضح أن الخيار عند هذا الإنسان المدني لما يزل بين شروط الاقتصاد والرأسمالية من جهة، وشروط حماية البيئة من جهة ثانية، وإن تعارض الشرطان فالشرط الرأسمالي هو الذي سيحكم ، ويظل الشرط الرأسمالي هو الأقوى في صناعة الحدث، رغم اشتداد البلاء في الأرض وعموم الفساد. وفي الوقت الذي كان زعماء الدول التي يسمونها العظمى يتبادلون الخطب حول المناخ، فهم أيضاً يتبادلون التهم وقد شهد العالم كله تبادل التهم بين أميركا والصين، والنزاع الذي حدث على صيغة البيان النهائي للمؤتمر والمساومات التي تمت لتوصيل البيان إلى خاتمة تجعل جمل البيان بلاغيةً وخطابيةً ولكنها غير عملية، وأشد من هذا هو يقين كل واحدٍ من هؤلاء الكبار أنه في منافسة اقتصادية وعسكرية وسياسية مع الآخر مما يجعله لا يثق بالآخر وسيتصرف حسب مصلحته وموقعه على الكرسي العالمي الذي يضمن له دوام قوته وتقويته بأعلى من خصمه وهذا سيفضي إلى استمرار سلوكيات تلويث البيئة، حيث ارتبط المال والقوة بصناعة الأسلحة الفتاكة التي تلوث البيئة إن استخدمت، وتلوثها إن خزنت كما تلوثها إن أتلفت. وهنا ولهذا قامت مظاهرات تحاصر مقر مؤتمر قلاسقو ترفع شعار «العدالة المناخية»، وهو شعار جديد يعري ظلم الإنسان لأخيه الإنسان وللبيئة، والواضح من ذلك كله أن كل دولة عظمى تحيل المشكل لغيرها في حين تظل تمارس إفسادها وتريد الحل من غيرها في حين تحتفظ بشروط بقاء هيمنتها على الأرض والبشر، وهنا تتكشف الحاجة للعدالة المناخية التي ستعني أن يتحمل المفسد الأكبر مسؤوليته بحجم إفساده الماضي والحالي، ومن دون ذلك ستظل لعبة المناخ لعبةً سياسيةً وانتهازية تنافق وتكذب وتفسد بمزيد إفساد.

مشاركة :