كل منا لديه قصة أو قصص لا تعرف وأنت تسمعها ، تضحك أم تبكي، أم تلطم وتكمل ( غطوني وصوتوا)!لكن مع ذلك يظل النقد الناتج عن التجارب الشخصية؛ أفضل مُعِين في هذا الظرف الاستثنائي الذي يمر به الوطن في مواجهة الأعداد الكبيرة من مجهولي الهوية وما يكتنف هذه الوضعية من أخطار أمنية وإجراءات تنظيمية وتصحيحية وإشكالات اقتصادية، هو وضع يعاني منه الجميع. قضية تصحيح أوضاع المتخلفين، تنظيم سوق العمل، وترحيل المخالفين، ليست قضية خاصة بوزارة العمل والجوازات والأجهزة الأمنية، بل هي قضية وطنية، قضية مواطنين، وأجهزة حكومية، لم تتهيأ بأجهزتها وموظفيها لمواجهة هذه الأزمة بل عملت بطاقتها التي كانت محل شكوى دائمة من المراجعين في الأيام العادية. لدي الكثير من القصص المحزنة لكني أحكي ما رأيته بنفسي، كي لا يشكك أحد في صدق مارويت، وبأني بنيت على السمع، وأن من سمع ليس كمن رأى وهذه العبارات الجاهزة على ألسنة بعض المسؤولين. ذهبت الأسبوع الماضي إلى مبنى الجوازات الرئيسي، القسم النسائي،7,30 صباحاً، كان الزحام شديداً، والنساء يملأن المقاعد بلا حول ولا قوة غير الصبر، ومنهن من تقف أمام الشباك مباشرة، ذهبت من فوري أبحث عن جهاز الأرقام كي أحفظ حقي في الدور إلا أني فوجئت بأن الجهاز مغطى بـ ( برقع) والبرقع لمن لا يعرف، هو " الغطوة " التي تضعها المرأة على وجهها وبه فتحتان تظهران عيني المرأة بوضوح. بعد ساعة تقريباً رأيت من خلال فتحات النوافذ، الموظفات يدخلن إلى مكاتبهن، منهن من تحمل فطورها ، أو كوب القهوة ، انتظرنا .. ياصبر أيوب. حتى الآن لا يوجد مايثبت حق أي منا في الأولوية! جاءت موظفة ترتدي زياً رسمياً وبيدها الأرقام وبدأت توزع عشوائياً، أو بحسب مواقعهن منها، وقفت سيدة كبيرة جداً تمد يدها لتحصل على الرقم، لكن الموظفة نهرتها دون احترام لكبر سنها قائلة اللي توقف ما أعطيها رقم، وكأن الأرقام هبة تمتلكها فتمنح أو تمنع حسب ما تهوى. قالت السيدة أنا وقفت لآخذ رقماً لأني أتيت مبكرة تجاوزتها ولم تعطها رقماً وهي تكرر مقولتها ( اللي توقف مالها رقم ) انتهت الأرقام التي كانت تحملها الموظفة ولم تحصل نصف الموجودات على رقم. فهمت من المراجعات، أن الموظفة توزع كل يوم " 50 " رقماً فقط -هي الطاقة التي تعمل بها الإدارة في هذا الظرف الاستثنائي- أما إذا انتهى الدوام ولم تنتهِ الأرقام فعلى المراجعات القدوم مبكراً في اليوم الثاني والوقوف أمام النوافذ، ويمكن أن تُرفض انهاء إجراءاتهن إلا بعد الحصول على رقم جديد، وعليهن البدء من جديد. كانت سيدة تحمل في يدها أربعة أرقام لأيام متفرقة لكن ولا أي منها صالح للاستخدام لأن عليها أخذ رقم جديد كل يوم. أما مسألة الحصول على الأرقام فهي مسألة حظ، وأي تصرف لا يعجب الموظفة ممكن أن يفقد المراجعة الحق في الحصول على رقم. في أحد الأيام كانت المراجعات يبحثن عن جهاز الأرقام، فكان رد الموظفة يحمل التهديد والوعيد بأن عليهن الصمت والانتظار وهي ( بكيفها ) على رأي أحلام لكن بدون ( كنتاكي ) بل أرقام ( ممكن توزع الأرقام بعد ساعة أو ساعتين، أو مافي أرقام) حزنت على المراجعات اللاتي يتعرضن لكل هذا لمجرد تشبثهن بالحصول على رقم يثبت حضورهن المبكر ويحقق لهن شيئاً من العدل كالغريق يتشبث بقشة. ولأن الرقم ضرورة لينظر إليك الموظف أو الموظفة حتى لو كان مجرد سؤال، وهذه تجربة أخرى شخصية. ذهبت إلى الجوازات في ( التحلية مول) كان الزحام شديداً، والغريب أن صفوف الكراسي داخل القاعة مخصصة للرجال، بينما تتنافس النساء على العدد القليل من الكراسي خارج القاعة، في بهو السوق، وكان المفروض أن يحدث العكس، لا علينا هذه قضية جانبية، المهم أن موضوعي كان ناجزاً عن طريق ( أبشر ) ولاتوجد معاملة ،فقط استلام إقامة السائق، وبتفكيري الضيق ظننت أن الموضوع لا يحتاج إلى رقم وانتظار، وقفت خلف المراجعين على إحدى النوافذ ، فتنحى أحدهم ليفسح لي المجال، وأنا ممسكة ببطاقة هويتي، لم يستمع إليّ الموظف وهو يجلس على المكتب في مستوى منخفض جدا عن فتحة النافذة الصغيرة، وعلى المراجع أن يشب على أطراف أصابعه كي يستطيع التحدث مع الموظف. قبل أن أتحدث سألني قائلا: معك رقم؟ قلت موضوعي لا يحتاج فقط أريد استلام الإقامة المعاملة منتهية والرسوم مسددة ماذا تتوقعون؟ أعطاني درساً في احترام ( الشيبان ) الذين يجلسون مبكراً ومعهم الأرقام خرجت ولم أعد فلا طاقة لي على الانتظار من أجل استلام إقامة أنهينا كل إجراءاتها عن طريق ( أبشر) إذا ما فائدة هذا النظام إذا كنت سأقف في طابور طويل ربما ينتهي الوقت قبل أن يأتيني الدور كما قالوا لي. ربما هذا التعقيد يشجع على الدخول من الأبواب الخلفية، أو انهاء المعاملات من تحت الطاولة كما يقولون، هذا هو قلب الخلل وعقله وجسده، وهذا ما أحذر منه وأرفضه، لكن المضطرين ربما يجازفون بركوب الصعب. nabilamahjoob@yahoo.com nabilamahjoob@yahoo.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (27) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain
مشاركة :