صراع بين الماضي والحاضر، بين الغناء الطربي الذي يحمل معاني وألحاناً عذبة، وبين مختلف أنواع الغناء التي انتشرت في الآونة الأخيرة، والتي تعتمد على الرقص والطبل؛ صراع بين الأجيال جُسّد في مسرحية الجلسة للمؤلف عبدالله صالح والمخرج غانم ناصر، حيث مثلت عرض الختام في المهرجان لهذا العام، وحملت القصة فيها العديد من الإسقاطات والمواقف الكوميدية، ولكنها وقعت في فخ المط والتطويل. ابن النوخذة.. المتمرد يدور العمل حول حميد، ابن النوخذة المغرم بالغناء والطرب الشعبي، الذي تمرد على تقاليد العائلة، التي توارثت حرفة الغوص وتحتل مكان الصدارة في تصنيف الطبقات الاجتماعية في المجتمع الإماراتي في تلك الحقبة، وعلاقته بصديق عمره والذي واكب مشواره الفني كعازف إيقاع في الجلسات الشعبية. وفي تصاعد مثير للأحداث التي تخللتها بعض النكات الساخرة عن واقع الأغنية الخليجية والعربية، ومقارنة أساليب الغناء بين الماضي والحاضر، يكتشف ابن النوخذة عبيد أن القطيعة والخلاف بينه وبين ابنه بسبب احترافه الغناء، كان وراءها صديقه الحميم الذي برر أن ما دفعه إلى ذلك قلة حيلته ونفوذ النوخذة، والذي عمد إلى قتل أبي صالح؛ معلم العود والغناء وقدوة حميد، فهو السبب الأول لخروج ابنه عن طوعه وإهدار كرامة العائلة، ولكن قتل أبي صالح لم يردع حميد عن الاستمرار في الغناء، وإقامة الجلسات التي بددها واقع الزمن وتغير الأذواق وحضور السميعة. النهاية.. المفاجأة حميد وعبيد لكل منهما خط مختلف عن الآخر؛ فالأول لا يقبل بالتنازل عن فنه الراقي، والثاني يلهث وراء الأعمال الخالية من المضمون تحت شعار هذا ما يرغب به الجمهور، ليأتي مشهد النهاية الذي كان بمثابة المفاجأة للجمهور، حيث وجدنا عبيد لا يزال يقدم جلساته، ولكنها ليست غنائية؛ جلسات من نوع مختلف في مستشفى الأمراض العقلية، يتعرض لها ابن النوخدة لأن عقله الباطن يرفض تقبل واقعه، ووفاة صديقه عبيد، لتكون جلسة الكهرباء والمرارة والألم الذي يعيشه في نهاية العمل. واللافت في العمل، أن الإضاءة لعبت دور البطولة في ربط عناصر الفكرة، بالإضافة إلى الديكور الذي كان محوراً رمزياً لتقديم شخوص المسرحية الغائبة، والتي تقبع في خيال أبطالها. إشادة بالتمثيل في الندوة التطبيقية، التي شارك فيها: الناقد الفني يحيى الحاج والفنانة سميرة أحمد، أشاد الحاج بالثنائي: أحمد مال الله وسلطان بن دافون، موضحا أنهما تفوقا على نفسيهما من خلال تجسيدهما دور حميد وعبيد، وخفه دمهما التي أثارت موجة من الضحك والكوميديا، مشيراً إلى أن اللعب بالقـــماش صنع نوعاً من الحــــركة والأكشن على خشبة المسرح، ولكن السلبيات من وجــهة نظره، تمحورت حـــول السرد الطويل الذي يأخذنا إلى بحر من الروتين والرتابة. كما وجد أن الإضاءة، وبدلاً من أن تجعل المسرح يشع نوراً، دخلت في فخ الظلام، رغم تمرير السينوغرافيا في بعض المشاهد. اختلاط المشاعر ومن جهة أخرى، أكدت بدرية أحمد، سعادتها واعتزازها بالعمل، حيث اختلطت بداخلها العديد من المشاعر التي تنوعت بين الألم والبكاء، وبين حالة الضحك التي جسدها نجوم العمل بكل احترافية، مشيرة إلى أنها عادت بالزمن إلى الوراء، فالديكور الذي رسم ملامح المسرحية، جعلها تتذكر، الجلسات التي كانت تبثها قنوات دبي وأبوظبي، مؤكدة في نهاية حديثها، أن مسرح الشباب يتطور بشكل ملحوظ.
مشاركة :