الفنون بأنواعها سبل تقارب، ولغة سهلة، يمكن من خلالها التواصل بين الشعوب، فهي تعكس بُعداً ثقافياً، لنقل كثير من القيم السلوكية الأصيلة والأصلية. وجاء معرض الشارقة للكتاب في دورته الرابعة والثلاثين هذا العام، ليعكس ذلك البعد الثقافي والفني، من خلال ما يقدم من عروض، لفرق شعبية دولية، واستعراضات فنية، ومقطوعات موسيقية، تعزز في مجملها القيم الثقافية وتبرز دور المنتج الفني في دعم الثقافة. ويُعد الموسيقيون والفنانون، الأبطال الحقيقيين في هذه الدورة، بما يقومون به من تواصل مع الجمهور، ومن خلال ما يقدم عبر ردهات المعرض، خصوصاً الفرق الغربية التي تقدم من خلال عروضها قسطاً كبيراً من الثقافة الغربية، وتقدمها لشرائح الزوار في أعمارهم المتباينة. التركيز في هذه الدورة كان على ضرورة التفاعل مع عموم الجمهور، وإضفاء روح المرح والسعادة على المتابعين من زوار المعرض، ولفت انتباههم إلى أن الثقافة والفنون لغة يتحدثها الجميع، وأن الفنون بأنواعها نتيجة لفهم مضامين الكتب، إلى جانب الكثير من الأنشطة الفنية التي يجدها الزائر، وتتنوع بين الكرنفالات الجوالة، وعازفي الموسيقى المتجولين عبر ردهات المعرض، فضلاً عن الفرق الشعبية، التي تقدم عدداً من الاستعراضات الفنية، والعروض المسرحية والفنية التي تستهدف الشرائح جميعها. ويؤكد المعرض عاماً بعد عام، على أن تعميق سبل الثقافة وخلق روح الإبداع لا يكمن فقط في الحرص على الاقتناء والقراءة، ولا يقتصر على السبل التقليدية في المعرفة الحالية، بل أن هناك بعداً آخر، لا بد أن يحويه التشجيع والحث، والذي يكمن في الاستماع والمشاهدة لثقافات متنوعة وشعوب مختلفة، لأنها فرص للتعريف بالآخر والتقرب إليه. علياء الحمادي، مسؤولة فعاليات بالجهة المنظمة بهيئة الشارقة للكتاب، تقول: يحظى زائرو المعرض في هذه الدورة بمتعة مشاهدة العروض المذهلة للفرق الأجنبية ذات الطابع الثقافي المختلف عما تقدمه الفرق الشعبية العربية، القادرة على لفت انتباه الجميع. وتضيف: العروض المقدمة تتوافق جميعها مع ذائقة زوار المعرض، ويتعرفون من خلالها إلى فنون موسيقية أوروبية، ويستمتعون باستعراضات فنية مدهشة، ويستمعون إلى مقطوعات فنية موسيقية غربية، تربط العالمين العربي والغربي بروابط ثقافية تستمر طويلاً. وعن الفرق الفنية الموسيقية المشاركة تقول: فرقة ديكسيلاند الإيطالية تقدم عروضاً منتقاة من خلال مجموعة من العازفين الموسيقيين، تهدف إلى خلق تفاعل بناء مع زوار المعرض، ووسيلة مهمة لربط الفنون بالثقافة، وهي روابط لا يمكن التغافل عنها. ويتيح المعرض في دورته الجديدة الفرصة لتقديم العروض الاستعراضية والكورالية التي تعزز القيم الوطنية والقومية في الدولة، والتي يقدمها طلاب مدرسة الإتقان الأمريكية، وكانت بمثابة لوحة فنية إيمائية للتقدم والتطور الحالي الذي تشهده الإمارات حالياً، بحسب الحمادي. وتوضح أن العروض الفنية، خصوصاً الموسيقية، مستمرة في الأيام المقبلة، والتي تقدمها الفرق في الردهات الخاصة بالمعرض، كما أن هناك بعض الفرق المحلية التي قدمت عروضاً إماراتية عكست الارتباط بين الفن والثقافة. الأنماط الموسيقية المقدمة في المعرض تكفي لإتاحة عزف مؤلفات متنوعة، يغذي التواصل الموسيقي حول العالم، وبحسب الحمادي، فإن التركيز كان على استضافة كبار العازفين العالميين، تشجيعاً للمواهب المحلية والمهتمين بالموسيقى والفنون، وعقد لقاءات معهم وإطلاعهم على تجارب الشباب، في محاولة لاكتشاف العلاقة بين الموسيقى الغربية والعربية، في إشارة لرغبة القائمين على المعرض لقياس مدى التفاعل الاجتماعي والثقافي. وترى الحمادي أن الاهتمام بهذا الجانب جعل الجمهور أكثر حماسة بمختلف فئاته لزيارة المعرض خصوصاً أن الفنون والثقافة ينبعان من رافد واحد، وأن الترفيه الذي تقدمه هذه الفرق يشد انتباه الصغار والكبار بصورة تجعل العودة مرات عدة لزيارة المعرض أمراً مهماً.
مشاركة :