(ما أحوجنا لخطباء جمعة غير تقليديين)

  • 12/17/2021
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

بقلم: عبد الفتاح بن أحمد الريس إن المتتبع لغالبية خطباء الجمعة سواءً بالحضور للجوامع أو المساجد أو عن طريق الاستماع إليها وهي منقولة عبر الإذاعات والتلفزيونات والفضائيات العربية والإسلامية يجدها تتمحور حول موضوعات يغلب عليها الطابع التقليدي البحت عوضاً عن عدم مواكبتها لما يشهده عالمنا اليوم من أحداث وتطورات وتحولات وتحديات في مختلف مجالات الحياة وعلى كافة الأصعدة والتي عزز من دورها وتوسع نطاقها وانتشارها وسائل الإعلام والتقنية الحديثة والتواصل الاجتماعي وإن شئتم فقولوا العولمة بعينها والتي جعلت من كافة سكان الأرض وكأنهم يعيشون في قرية صغيرة الأمر الذي يتطلب مع هذا كله كيفية التعامل مع هذه الاحداث والمتغيرات والمنعطفات والتي لا تخلوا أبداً من التطرف الديني والفكر الضال والانحلال الخلقي وممارسة الرذيلة والتقليل من شأن وأهمية دين الله الإسلام والذي يُنظر إليه من قبل أعدائه على أنه منبع الإرهاب والتطرف والتخلف بينما هو على العكس من ذلك تماماً دين محبة وتسامح وخُلق كريم واستقامة وأساس متين لكل خير ورفعة وتقدم كما في قوله تعالى(ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ)وقوله صلى الله عليه وسلم تركتم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، ولأن خطباء الجمعة هم ممن يُعوّل عليهم القيام بالوعظ والتوجيه والنصح والإرشاد وكل ما يدعوا لمكارم الأخلاق والتحلي بالحكمة والموعظة الحسنة والحوار الهادف ونبذ ما سوى ذلك من تعصب ونعرات طائفية وسلوكيات سيئة ومذمومة ومحرمة وذلك من خلال منابرهم وخطبهم الأسبوعية فإن مجتمعنا العربي والإسلامي ما أحوجه لخطباء ممن يملكون قدراً كبيراً من الوعي والإدراك والأهلية والمهارات الفنية والبلاغية والقدرة على التأثير والإقناع ذلك لأن خطيب الجمعة في حاضرنا اليوم ليس كما كان عليه أسلافه في سنوات قديمة مُجرد شخص يعتلي المنبر ومن ثم يلقي خطبته التي يطغى عليها السجع والعبارات المنمقة وإنما يمثل دوراً مُهماً وفاعلاً في منظومة هذه الشعيرة العظيمة والمقدسة وحتى يتحقق هذا الهدف فلا بد من توافر سمات مُعينة في خطيب الجمعة نوجزها فيما يلي: 1-أن يشعر الخطيب بمدى عظمة هذه الرسالة المناطة به وأن يؤديها بكل همة وأمانة وإخلاص. 2-أن يكون متعلماً وزاهداً ومثقفاً وملماً بالأحكام الشرعية والوقائع التاريخية والقضايا الاجتماعية التي تهم المجتمع الإسلامي وتساهم في إيجاد حلول ممكنة لها. 3-أن يكون حكيماً وحليماً وواثقاً من نفسه وقدوة صالحة لغيره في القول والعمل وأن يقف بثبات واتزان أمام المصلين موزعاً نظراته عليهم وألاّ ينشغل بما يقع أمامه أو حوله كمكبرات الصوت مثلا. 4-أن يكون قوياً في لغته وفصيحاً في كلامه ويملك قدراً كبيراً من المهارات البلاغية والاقناعية المؤثرة واتقانه لمخارج الحروف وتغيير الصوت والصمت قليلاً وقتما يشير لمواقف إنسانية مهمة لأجل اثارة انتباه المصلين واستمالتهم لسماع خطبته من بدايتها وحتى نهايتها. 5-ألاّ يكون مغروراً أو معجباً بنفسه أو متحيزاً لرأيه وأن يبتعد عما يثير الشحناء والبغضاء والكراهية بين أفراد المجتمع الواحد سواءً اكان ذلك بالإشارة أو التلميح أو ما شابه ذلك. 6-أن تنطلق خطبته من تخطيط سليم وتحضير جيد وبمنأى عن الاطالة والتسرع في الكلام وتضخيم الالفاظ والغموض واستخدام السجع بأكثر مما يجب أو بدء الخطبة بنكتة مضحكة أو بمقولة( أنا لست خطيباً مفوهاً أو ليس لديّ ما أقوله لكم سوى كذا وكذا)لأن هذا قد يُشعر المصلين بضعف شخصية وبعدم أهليته للقيام بهذه المهمة والتي ربما تصرفهم عن سماع خطبته من الأساس. 7-أن تكون الخطبة سهلة في عباراتها وتراكيبها وخالية من التعقيدات وأنه لا مانع من تكرار بعض الكلمات لهدف التأكيد على أمور مهمة كما في قوله تعالى( الحاقة ما الحاقة وما أدراك ما الحاقة). 8-أن يراعي الخطيب عند إعداده لخطبته وما تتضمنه من معلومات وبيانات وإحصائيات ودلائل قرآنية وأحاديث نبوية وحكم وأمثال الدقة والموضوعية وأن تكون مسايرة للواقع الذي يعيشه المجتمع . 9-أن يختم الخطيب خطبته بملخص مقتضب لأجل ترسيخ ما ورد فيها من مواعظ وتوجيهات وارشادات في أذهان المصلين بالإضافة لأدعية شاملة ومختصرة مع ترجمة مبسطة لغير الناطقين باللغة العربية إذا ما استطاع إلى ذلك سبيلا.

مشاركة :