شكلت منصات التواصل الاجتماعي ثورة حقيقية في تكنولوجيا الاتصال والإعلام الجماهيري، ومع كل محاسنها إلا أن أكثر مساوئها هو قدرتها على نشر أخبار ومعلومات غير صحيحة، بعضها يتم بشكل مقصود بهدف بث الإشاعات والتأثير في الرأي العام، وهنا لابد من الوعي والتحقق من المعلومة قبل إعادة نشرها، لئلا نكون قد ساهمنا في نشر الإشاعة دون أن نقصد، وكل خبر ليس له مصدر موثوق يندرج تحت بند الأخبار الزائفة، وكل نيل من سمعة فرد أو جهة أو شخصية سياسية دون التثبت من مصدر رسمي يندرج تحت مسمى الإشاعات. لقد حققت وسائل التواصل الاجتماعي ثورة إعلامية حقيقية، وحررت الأفراد من سطوة وسائل الإعلام التقليدية، ومكنت كل فرد من أن يكون له "صحيفته" الخاصة و"قناته" الخاصة، إذا جاز التعبير، لكن مع ذلك خلقت نوعاً من البلبلة وعدم الموثوقية، وجعلت للإشاعات قدرة غير مسبوقة على الانتشار والتأثير في الرأي العام، ولابد من الإشارة إلى أن بعض الحسابات متخصصة في بث الإشاعات، فتعمد إلى نشر بعض الأخبار الصحيحة لتدس من خلالها كثيراً من الإشاعات، خصوصاً تلك التي تتضمن معلومات فيها تجريح أو إساءة أو تشويه للسمعة السياسية أو الأخلاقية. نحن لا نتحدث عن الآراء، فلكل فرد رأيه الخاص وله الحق في أن يقول ما يشاء وينتقد من يشاء، ونحن كأعضاء مجلس أمة نرحب بأي رأي وأي انتقاد بنَّاء، وجميع الشخصيات العامة - كما نعتقد - ترحب بذلك، لكننا نتحدث عن التجريح والإساءة وتشويه السمعة، الأمر الذي يتطلب التحقق والتثبت من مصادر المعلومات، وعدم المسارعة في إعادة نشرها، لأنها من أكثر الوسائل إساءة للمجتمع وللعمل الوطني. وسائل التواصل الاجتماعي نعمة، وفوائدها أكثر بكثير من مساوئها، فقد مكنت الجميع - شخصيات عامة وأفراداً - من الرد على الانتقادات وتوضيح الأفكار والمواقف والتواصل المجتمعي الواسع، وحررت الشخصيات السياسية والعامة من أن يكونوا رهينة مُلاك وسائل الإعلام التقليدية، وأتاحت فرصاً متساوية للجميع في المشاركة والنقاش والتعبير عن الآراء، لكن كل شيء له إيجابياته وسلبياته، وهذا يتوقف على وعي الفرد وحسه الوطني وتصرفه بمسؤولية وطنية وأخلاقية، والتأكد من المعلومات، خصوصاً ما يتعلق منها بالاتهامات والتشويه، فما نبثه يصل إلى كل شخص، ويدخل كل بيت، وفي ذلك مسؤولية كبيرة، خصوصاً على الشباب الأكثر استخداماً وتفاعلاً مع هذه المنصات. وهذا يرتب علينا، كأعضاء مجلس أمة، مسؤوليات مضاعفة عند استخدامنا لهذه الوسائل، فإذا ما استخدم أحد الشخصيات العامة هذه المنصات بنوع من التشويه والإساءة، فهو يؤسس لخطأ كبير، ولنهج يتسم بعدم المسؤولية، وسيصبح قدوة سيئة في المجتمع، فنحن - شئنا أم أبينا - شخصيات مؤثرة، يحتم علينا موقعنا التعامل بدقة ومصداقية وبمسؤولية وطنية عالية مع هذه الوسائل. «Catalyst» مادة حفازة: حرية ومسؤولية + وسائل تواصل فعالة = نضج أخلاقي
مشاركة :