أرأيت الذي ينهى عن استخدام الجوال أثناء قيادة السيارة ثم تجده دائم التطلّع لشاشة جواله هذا إن لم يشارك (القروب) في السوالف على الواتس آب؟ أو ذاك الذي يتحدث عن خطورة السرعة وكيف أنها سببت الكثير من المآسي ثم يتحدث عن قصّة سفره بالسيارة من الرياض للدمام وكيف انه (مسح الطبلون) حتى يلحق على عرس أحد أقرابه؟ والثالث الذي يسمح لابنه الصغير بقضاء مشاوير العائلة بالسيارة وهو يسمع عن حوادث سببها صغار السن تشيب لها الولدان! أما ممارسة الشباب لكل أنواع التهور والجنون فحدّث ولا حرج. معظم هذه السمات عنوانها عدم استشعار التعرّض للخطر. لماذا إذاً هذا التناقض بين القول/القناعة، وبين الفعل وإلى ما يعود؟ تُجيب نظرية (التفاؤلية الدفاعية) عن هذه الأسئلة بشكل مُباشر وقائلها هو الدكتور محمد أحمد النابلسي الذي عرّف بأنها «اعتقاد الشخص أن الأشياء السيئة والأخطار تصيب الآخرين ولا تصيبه هو شخصياً، ما يحمله على ركوب المخاطرات بجرأة غير عادية تضاعف احتمالات تعرضه للأخطار». وهكذا فان اعتبار المرء نفسه أقل تعرضاً للأخطار من الآخرين يدفعه إلى إهمال الإجراءات الوقائية اللازمة. إذاً كل نموذج سالف الذكر يعتقد بأن الحوادث وبالتالي الإصابة أو الموت تصيب الآخرين أما هو ففي منجى من كل هذا! شخصياً لا أعرف كيف تأصّلت رؤية قاصرة وغير منطقيّة كهذه؟ وكيف يمكن إزاحة هذا الاعتقاد من أذهان تلك النماذج قبل أن تصيبهم مصيبة تصدمهم وتعيدهم لحقيقة أن كل إنسان معرّض للخطر وتبعاته وبأنه لا يوجد من هو محصّن ضد الأخطار.. نسأل الله اللطف. أوجز بالقول: ليت من يُخطط لبرامج التوعية والثقيف أن يأخذ نظرية التفاؤلية الدفاعية بالاعتبار ويستخدم شعارات صادمة مثل « أنت في خطر» أو «الخطر أقرب اليك مما تتصور» وغيرها لعل وعسى. لمراسلة الكاتب: aalkeaid@alriyadh.net