الإضاءة النقطية (سبوت لايت) التي تنتشر الآن على سقوف الغرف فكرة جيدة. ثمة توزيع عادل للإضاءة لا توفره الثريا مثلا. الثريا تبدو كشعلة وسط الصالة، ولكن على حافات المكان ستحتاج أن تضيف إضاءة جانبية لتعويض الفرق. ومع تحولها من تقنيات الهالوجين إلى أل أي دي، صارت الإضاءة النقطية مصدر توفير حقيقي للطاقة. وبذكاء التحكم بالترددات، صار بإمكانك أن تركب درجة الضوء (أي طبيعة اللون الأبيض) التي تحبها: من أبيض يبرق يعطيك الإحساس وكأنك في مستشفى، إلى أبيض مصفر كأنه الشمس قبل احمرار المغيب. كل هذا جميل لولا مشكلة واحدة: هذه الإضاءة تكشف علامات الصلع في رؤوس الرجال. بدأ الأمر في المصاعد. تقف خارج المصعد في الفندق فتجد مرايا دائما تلهيك عن تأخر وصول المصعد. تنظر فترى شعرك بحالة صحية وأن الزمن لا يزال بعيدا عن النيل منه تماما. تدخل المصعد، وفيه الإضاءة النقطية عادة وتملأه المرايا، فتجد أن شعرك خف فورا وصارت جلدة الرأس تلمع. تخرج من المصعد وتنظر لنفسك، تجد وكأنك ارتديت باروكة مقارنة مع المشهد داخل المصعد. تتعوّد على الأمر وتصير تطأطئ رأسك عند الدخول إلى المصعد، أو تحدق في عداد الطوابق ولا تنظر إلى المرايا أساسا. لماذا تعذّب نفسك بلا طائل؟ ستستعيد كثافة شعرك خلال ثوان. شوية صبر. مع انتشار الإضاءة النقطية بشكل كبير صار كل مكان أشبه بالمصعد. الآن عليك أن تتأكد من أن الضوء في الحمام يواجهك، أي من النوع الذي يبدو أنه يطل من المرايا، ولا “تشعل” الضوء النقطي. الضوء النقطي يشعل الصلع ويشعل الشيب. سترى الكثير من الشعر في رأسك. قم بتجربة مع ومن دون الإضاءة النقطية وسترى الفارق. إذا درست صور أجدادك وأعمامك وأخوالك وتمعّنت في حال الشعر في رأس أبيك، ستعرف تقريبا مستقبل الشعر في رأسك. سترى كثافة الشعر والغزو الرمادي ومواعيده. يجب أن تضع خطة لمستقبل لا مفر منه، خطتيْن بالأحرى: واحدة لونية والأخرى بالتعاون مع مقص الحلاق. لون الصبغة مهم إذا قررت محاربة الشعر الرمادي (مشروع مصيري لذوي البشرة السمراء في مشرقنا لأن الرمادي يبدو أبيضَ). أعتقد أن الشرق الأوسط من كبار مستهلكي صبغة الشعر السوداء للرجال. انظر إلى مشهد يضمّ كبار المسؤولين في بلد عربي وسترى الشباب يلمع من اسوداد شعورهم. قصة الشعر، أو ما تبقى منه، لا تقل أهمية. هل تترك البقايا لكي تطول وتغطي المناطق المكشوفة؟ هل تقصقصها لكي لا يبدو الصلع ظاهرا؟ هل تستثمر في شعر حافات المنطقة الصلعاء وتطيلها، ثم تناور بها وتمشطها بمعونة المثبتات لتغطي أعلى الرأس، تلك المنطقة الموبوءة بالصلع؟ تجارب كثيرة عليك أن تجريها لحين الاستقرار على صيغة تناسب الوجه وتحظى بالقبول، أو على الأقل لا تثير التهكم. الشجعان يبادرون مبكرا ويحلقون رؤوسهم على الصفر. لدي عدد من الأصدقاء يفعلون ذلك. ماكنة لحلاقة الوجه وماكنة لحلاقة الرأس. منهم من يرتدي قبعة مثل قبعات الكاوبوي، وآخرون في الخليج تتكفل الغترة والعقال بالستر. التقِ بهؤلاء الأصدقاء خارج بلادهم، وسترى مشهدا مروعا من الصلع. أيًّا كان قرارك بالتعامل مع حتمية الصلع أو الشعر الرمادي، لا تزدْه عقدا بالنظر إليه تحت إضاءة نقطية. التحرك بمظلة داخل المباني ليس خيارا بالطبع. لشعر الشوارب والذقن حكاية من نوع آخر.
مشاركة :