أثار طرح حكومة الرئيس الإيراني حسن روحاني وثيقة حول «حقوق المواطنة»، ردود فعل متباينة حيال ما ورد فيها من نصوص تتعلّق بالشرائح الاجتماعية المختلفة ومسائل عدة تمسّ الحقوق المدنية للإيرانيين. وتأتي أهمية طرح هذه الوثيقة، كونها الأولى التي تُطرح في هذه الجرأة بعد تأسيس الجمهورية الإسلامية عام 1979، كما أنها منسجمة مع وعود قطعها روحاني خلال حملته الانتخابية. وتفخر الحكومة بنجاحها في إعداد هذه الوثيقة وطرحها للنقاش، في الأيام المئة الأولى من رئاسة روحاني. ودافعت إلهام أمين زاده، مساعدة رئيس الجمهورية للشؤون القانونية، عن الوثيقة معتبرة أنها «ترسم صورة واضحة للحقوق المبعثرة للمواطنين، في قوانين كثيرة، وتتيح لهم فرصة الاطلاع في شكل واضح ومكتوب على حقوقهم السياسية والقانونية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية»، مشيرة إلى أن 200 من أبرز القانونيين والأكاديميين في مجالات مختلفة، ساهموا في إعداد الوثيقة. وذكرت أن الوثيقة تتمحور حول مفهوم «إيرانية المواطنين» وتأخذ في الاعتبار «كرامة الإنسان»، نافية تعارضها مع الدستور أو شرعة حقوق الإنسان. وقالت إن مسودة الوثيقة طُرحت على المواطنين والنخب السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية، لمناقشتها خلال شهرين قبل أن تُطرح في مشروع قانون على مجلس الشورى لإقرارها. وأشارت إلى أن الرئاسة تسلّمت 200 دراسه نقدية للوثيقة إلى تتناول حقوق كل الشرائح الاجتماعية في المدن والأرياف، إضافة إلى الشباب والمرأة والنخب والطفل والعشائر، كما تتطرّق إلى جميع أنواع حقوق المواطنة وفي جميع المجالات. وتسعى الحكومة إلى إشراك الجامعات والمؤسسات النخبوية، إضافة إلى النقابات المهنية والطالبية والنسوية ومنظمات المجتمع المدني المعنية بشؤون البيئة والأمن الغذائي والحريات السياسية والصحافية ومسائل أخرى، في مناقشة الوثيقة قبل إرسالها إلى البرلمان. ودافعت أمين زاده عن الوثيقة التي ورد فيها انه لا يمكن إضافة حقوق جديدة للمواطنين لا يتضمنها الدستور، «بل يجب أن تكون منسجمة مع بنود الدستور والأعراف والقيم السائدة في البلاد». وتعهدت الحكومة أن تشكّل الوثيقة «خريطة طريق وبرنامجاً حكومياً، من اجل الإعلان عن حقوق المواطنة لجميع المواطنين الإيرانيين، وتنميتها وتنفيذها والإشراف على تطبيقها». وشدد وزير العدل مصطفى بورمحمدي على أن الإعلان عن الوثيقة لم يأتِ في إطار سياسي أو صوري، بل إيماناً بحقوق المواطنين التي أقرّها الدستور، مؤكداً أن «النظام يعتقد في شكل جدي بحقوق المواطنين، وإذا كان هناك تقصير في تطبيق القوانين، يجب التنبيه إليه». لكن المحامية شيرين عبادي الحائزة جائزة نوبل للسلام، اعتبرت أن الوثيقة تفتقر إلى غطاء قانوني وكررت بنود الدستور والقوانين التي طرحتها حكومة الرئيس السابق محمد خاتمي، متهمة حكومة روحاني بانتهاج سياسة «عرض العضلات». في المقابل، رأت أمين زاده أن اتهامات عبادي «تفتقر إلى الدقة والموضوعية والواقعية». أما الرئيس السابق للجنة الثقافة في البرلمان عماد افروغ فاعتبر أن الوثيقة «كان يُفترض أن تتحلى بشجاعة أكبر، لرسم صورة أكثر وضوحاً عن حقوق المواطنة». أفروغ المتخصص في علم الاجتماع، رأى نقاطاً مبهمة في الوثيقة، لكنه أثنى على الخطوة التي وجد فيها محاولة أولية للدفاع عن حقوق المواطنين. وتعتقد منيرة كرمي، وهي ناشطة اجتماعية وأستاذة جامعية، بأن الوثيقة تساهم في تنمية المجتمع المدني وتقلّل الأخطار الاجتماعية السلبية، إذ «تساهم في تعزيز وعي المواطنين». أما سكرتيرة «الائتلاف الإسلامي للمرأة» توران ولي مراد فطالبت بفصل حقوق المرأة عن حقوق الطفل والمسنّين. لكن رئيس «مركز بحوث المرأة والعائلة» في الحوزة الدينية في مدينة قم الشيخ زيبائي نجاد رأى أن مسودة الوثيقة كُتبت على عجل لتُطرح في الأيام المئة الأولى من رئاسة روحاني، على حساب درس مستفيض لمشكلات المواطنين وأولويات معالجتها. وطالب بتغيير أعراف اجتماعية مغلوطة، لا القوانين، معتبراً أن «بنوداً تتضمنّها الوثيقة لا تنسجم مع المبادئ والقيم الدينية».
مشاركة :