قال عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية، الذي يواجه احتمالا بفتح تحقيق رسمي وملاحقة قانونية في صحة حصوله على مؤهل علمي من جامعة كندية معروفة، بعد تزايد المطالب بفتح تحقيق حول هذا الموضوع الذي يثير جدلا كبيرا في ليبيا، إن حكومته باقية للعام الجديد في البلاد، ودعا أجهزتها التنفيذية للاستعداد لتنفيذ خططها فيه. وتلقى النائب العام رسالة بتوقيع رئيس هيئة الرقابة الإدارية، تتضمن مطالب بعض أعضاء «ملتقى الحوار السياسي» الليبي، الذي ترعاه بعثة الأمم المتحدة، للتحقيق في تضارب الأقوال حيال المؤهل العلمي للدبيبة. وتضمنت الرسالة طلبا من أعضاء الملتقى بالتحقيق في مستندات تؤكد وجود تضارب بين ما ورد في تقارير إعلامية، وما قدمه الدبيبة من مؤهلات لدى ترشحه للحكومة وللانتخابات الرئاسية المحتملة، كما طالبت النائب العام بتناول الموضوع وفق الاختصاص. وكان خمسة من أعضاء الملتقى قد طالبوا في رسالة موجهة إلى مجلس النواب، والنائب العام والمفوضية العليا للانتخابات وهيئة الرقابة الإدارية، بالإضافة إلى ستيفاني ويليامز، مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة، التحقق بشكل عاجل من تقارير إعلامية بشأن عدم امتلاك الدبيبة مؤهلا علميا لتولي منصبه، أو للترشح لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة. ودعا الأعضاء لأخذ الأمر على محمل الجد في إظهار الحقيقة، واعتبروا أن ما أثير من لغط في هذا الصدد تمس من سمعتهم كأعضاء بملتقى الحوار الوطني، الذي أنتج السلطة التنفيذية. وكان الدبيبة قد صرح بأنه حصل على درجة الماجستير من جامعة ريجينا الكندية عام 1990 في تخصص الهندسة المدنية، إضافة إلى دبلوم من كلية سينيكا الكندية للعلوم التطبيقية والتقنية، لكن الجهتين أكدتا عدم صحة هذه المعلومات، في اتصالات مع إعلاميين وناشطين. وتوقف الدبيبة عند هذه القصة، أول من أمس، وقال إنه يسامح من اتهموه بالتزوير، لكنه لم يقدم في المقابل ما يدحض رواية معارضيه. واعتبر الدبيبة، الذي ترأس أمس أول اجتماع لحكومته، منذ عودته لممارسة مهام عمله والإعلان عن تأجيل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، التي كانت مقررة الأسبوع الماضي، أن «ليبيا تمر بفترة سياسية حرجة، ورغم حالة الإحباط لتعطل الانتخابات لا يزال الصراع في خانته السياسية، وليس في خانة الاقتتال والحرب، ونحن رفعنا منذ أول يوم في الحكومة شعار لا للحرب». وقال الدبيبة خلال الاجتماع، بحسب بيان وزعه مكتبه: «لقد تجمعت أسباب عدة للتشويش على الليبيين، والدولة تتعرض إلى حملة شرسة من الإعلام الخارجي لبث الشائعات»، موجها الشكر لنائبه رمضان أبو جناح لجهده في الأسابيع الماضية كرئيس مؤقت، ومكلف للحكومة بسبب ترشح الدبيبة للانتخابات الرئاسية المؤجلة. في سياق ذلك، حذر الدبيبة وزراء الحكومة من المرحلة المقبلة، وذلك على خلفية قرار النائب العام حبس مبروكة عثمان وزيرة الثقافة، وقال بهذا الخصوص: «خذوا حذركم كوزراء لأنهم سيبحثون لنا في كل شيء، وبعد أن كانت الحملة ضدي وحدي أصبحت ضدكم». وتعرض الدبيبة أمس لهجوم كبير من قبل نشطاء ومتابعين عبر موقع التواصل الاجتماعي، بعد تصريح له بشأن النساء العازبات، خلال حفل توزيع منحة دعم الزواج للبلديات في طرابلس، أول من أمس، عندما قال: «بناتنا القاعدات (العازبات) نريد أن نزوجهن... وأحيانا نخصص زيادات... خاصة للواتي يتقدم بهن العمر». في إشارة إلى العازبات، بحسب ما أورته «بوابة الوسط» الليبية. وأثار هذا التصريح غضبا نسائيا واسعا، رافقه دعم من شرائح أخرى، رأت في حديث الدبيبة «عنفا لفظيا» ضد الليبيات. ورأت الشاعرة والقاصة رحاب شنيب، أن «الدبيبة مارس العنف اللفظي على النساء، وتحدث عن حالة اجتماعية بنظرة ناقصة، فتعامل بمقياس الغرائز الحيوانية وشغلته مليارات الزواج، ولم تشغله المناهج المدرسية، هناك نساء يمكن أن يقدن ليبيا أفضل منك، ويتحدثن أفضل منك». من جهتها، قالت المرشحة للانتخابات الرئاسية، رئيسة حزب «الحركة الوطنية» في ليبيا، ليلى بن خليفة، إن «النساء ليست سلعة لكي يتم تسويقهن، ولن نرضى بإهانة المرأة الليبية بهذه الصورة المبتذلة لأي سبب كان، فالمرأة مواطن له كيانه ومعزز مكرم من عند الله عز وجل». أما عضو ملتقى الحوار السياسي الزهراء لنقي، فردت على الدبيبة قائلة: «لا عزاء للمواطنة الكاملة والمساواة عندما يكون التشييء هو واقع النساء». من جانبها، هاجمت عضو مجلس النواب، ربيعة أبو راس الدبيبة، مؤكدة أن رغبة البقاء في السلطة لا يعني أن تتحول الوسائل إلى مجرد غريزة مدفوعة الثمن. ودعت الدبيبة إلى الاعتذار عما بدر من تصريحات مهينة في حق المرأة الليبية، مشددة على رفضها «استغلال الأموال والمرأة بهذا الأسلوب المهين والرخيص». من جهة أخرى، قال خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة، إنه سيجتمع خلال الأسبوع المقبل مع عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، لمناقشة مستقبل قوانين العملية الانتخابية في البلاد. ولم يحدد المشري مكان الاجتماع، لكنه رجح في تصريحات تلفزيونية مساء أول من أمس، عقده في دولة معنية بالملف الليبي، مشيرا إلى أنه على تواصل مع صالح، وسيتواصل معه مباشرة قريبا. وهاجم المشري مجددا المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني، وقال إنه لا يمكن أن يترأس المؤسسة العسكرية، لافتا إلى أن لدى مصر وتركيا «مصالح اقتصادية ومخاوف أمنية في ليبيا». بدورها، دعت ستيفاني ويليامز إلى احترام إرادة 2.8 مليون ليبي سجلوا للانتخابات، ويتطلعون لممارسة حقوقهم الديمقراطية في اختيار من يمثلهم، وتجديد شرعية المؤسسات الوطنية. ومن جهته، قال ريتشارد نورلاند السفير الأميركي لدى ليبيا، إن عمداء بلديات إقليم فزان في جنوب البلاد شاركوه أهمية إجراء الانتخابات في أقرب وقت ممكن، كمفتاح لتحسين ظروف وجودة الحياة في الجنوب الليبي.
مشاركة :