التربية من الأسس التي تساهم في تكوين فطرة الإنسان ، فكل إنسان يولد على الفطرة ولكن يأتي الانحراف بعد ذلك من خلال القصور في التربية ليصبح المؤشر الأول الذي يقود الإنسان للمسار الخاطىء وتكوين صورة غير حقيقية عن كثير من الأشياء وفي مقدمتها الدين والثقافة مما يعرضه مستقبلاً للتطرف ويصبح صيداً سهلاً للجماعات الإرهابية لاحتضانه وتغيير أفكاره للاستفادة منه لتحقيق أهدافهم الإرهابية . المراقب لجيل الإرهابيين الذين يعلن عنهم من فترة لأخرى ، يجد أن معظمهم من جيل الشباب الذين هم في مقتبل العمر والذين تلقفتهم الأيدي الضالة لتتولى إعادة تشكيل ثقافتهم وفكرهم وتصورهم لما حولهم من قضايا مختلفة وذلك بما يساهم في تحقيق أهدافهم مستعينين بالتقنية وببعض الوسائل التعليمية والتثقيفية المتاحة لهم والتي تم استخدامها وتغيير معانيها الحقيقية لتصبح وسيلة لتحقيق أهدافهم الإرهابية . الإرهاب الحقيقي لا دين له ولاجنسية ولاهوية ، وعلى الرغم من عدم وجود اتفاق عالمي لتعريف الإرهاب إلا أننا نجد بأن الإرهابيين اليوم في معظمهم شباب تم شحنهم عاطفياً على مدى السنين الماضية بأفكار باطلة وضالة ظاهرها فيه نصرة الدين وباطنها خدمة لمصالح وأهداف من أشرف على تكوينهم وإعدادهم وتمكينهم مستعينين بضعف النظام الدولي واختلاف معاييره في الرد على الانتهاكات والمخالفات التي تتعرض لها الكثير من القضايا الدولية حول العالم والتناقض الواضح في تعامله مع المواثيق الدولية في العديد من القضايا الإقليمية ، ففي الوقت الذي تعبر فيه بعض المنظمات الدولية عن ألمها لضحايا بعض القضايا فإنها تتجاهل الأبرياء الذين يتساقطون يومياً في سبيل قضايا أخرى مشابهة . المجتمع الدولي يعاني منذ عشرات السنين من قضية الإرهاب ، والضحايا يتساقطون يومياً بمختلف جنسياتهم ، ومع كل حادثة تقع تتسارع نداءات الاستنكار والتنديد الدولية ، ولكن كل ذلك لن يساهم في وقف الإرهاب دولياً ما لم يتم وقف المولد الرئيس للإرهاب والمتمثل في تثقيف التطرف بمختلف أنواعه . وكم أتمنى صدور قرار دولي بحيث يُقَر من خلاله تجريم نشر ثقافة التطرف والإرهاب بمختلف أشكاله وإدانة الوسائل المساهمة في الترويج لثقافة الإرهاب بين الأجيال ومقاضاة الدول التي تدعو الى نشر ثقافة الإرهاب بمختلف أشكاله أو تدعمها . لن يتمكن السلاح والعتاد من القضاء على الإرهاب بمفرده بل لابد بموازاة هذا الأمر من حملة تعليمية وتثقيفية عالمية تساهم في تعريف الأجيال بجريمة الإرهاب بكل أشكاله وبحرمة الدين والنفس والمال . Ibrahim.badawood@gmail.com
مشاركة :