نشأت مطاحن القمح بأنواعها ومعاصر السمسم منذ مئات السنين وكانت منتشرة بمناطق المملكة العربية السعودية، تحديداً مناطق جنوب المملكة، واشتهرت منطقة نجران بهذه المهن، لكونها ممراً للقافلات التجارية في تلك الفترة. فقد كانت معاصر السمسم والطاحون من أهم الأعمال الإنتاجية لزيت السمسم وحبوب القمح بـ أنواعها، فـ تقوم بطحن الحبوب وعصر السمسم عن طريق الوسائل اليدوية القديمة مثل الرحى وهو عبارة عن قاعدة حجريه ورأس حجري بشكل دائري تستخدم في طحن الحبوب ليستخلص منه الدقيق بأنواعه مثل البر والدخن، وهي تعتبر آلة بدائية الصنع تعمل بقوة الدواب أو بقوة الرياح أو التيار المائي أو البشري، فـ يجتمع عليها أصحاب هذه المهنة والجلوس لساعات طويله ولربما تستغرق أيام لطحن الحبوب، وليقوموا بصنع المأكولات الشعبية الدارجة في المنطقة، وتوجد المطاحن في كثير من محافظات المنطقة، ولكن لم تبقى كما كانت عليه في السابق بطريقة الصنع، فقد تم تطويرها إلى المطاحن الألية التي تستخدم في دقائق لإنجاز سحق الحبوب، كما أصبح هناك تنوع في التكنيك الألي لطحن حبوب القمح بـ كافة أشكاله وأحجامه وأنواعه، وبطرق تقنية عالية الجودة. ومعاصر السمسم التي تقوم بعصر السمسم لتستخرج منه الزيت الطبيعي والصحي، فقد كان الاعتماد على طريقة بسيطة وبدائية حيث توضع حبوب السمسم في جذع شجرة سدر منحوتة وتسمى ” المخزن “، و عادة ما يكون بداخلها عود خشبي سميك وقوي يسمى “بالقطب”، حيث تدهن هذه الأخشاب بزيت أو ما شابه وتربط بعود آخر أصغر منه، ثم توصل بمجموعة من الأثقال الثقيلة تسمى ” ثقالات ” مربوطة بــ سفينة الصحراء “الجمال” لعصره، هذا منذ مئات السنين، حيث يكون عمله قاصراً على الدوران عكس عقارب الساعة حول الجذع الخشبي معصوب العينين حتى لا يشعر بـ الدوران، ولا يرى الواقع الذي يدور فيه حول نفسه، إلى أن ينتهي من هذه المهمة، وقد تستغرق من الوقت ساعات حسب كمية السمسم المعصور. ويأتي مباشرة بعده الجهد البشري بعد عصر السمسم، ثم يقوموا بتفريغ الزيت الطبيعي منه، لاستخدامه في كثير من المأكولات الشعبية، ولزيت السمسم أنواع فمنها ما يكتسي اللون البني وتنبعث منه رائحة زكية وقوية، كما أن الزيت المستخرج من السمسم الأبيض من النوعية الجيدة ذات رغوة كثيفة ويستخدم بكثرة في الطهي، وهناك نوعيات رديئة يمكن تمييزها. وقد اختلف الوضع في الوقت الحالي، حيث تــم افتتاح كثير من المحلات المتخصصة بــ طحن الحبوب وعصر السمسم، وأيضاً القهوة والبهارات ونوعيات مختلفة من الحبوب، وذلك في فترة زمنية قصيرة، كما عمل أصحاب هذه المحلات على توفير تقنيات عالية الجودة لأجهزة الطحن والعصر والتي تحاكي زمن التكنولوجيا الان، وهكذا أصبحت نقله نوعية ما بين الماضي في التكنيك البشري والحاضر في التكنيك الآلي.
مشاركة :