يبدو أن هجمات باريس الدموية وتفجير الطائرة الروسية فوق سيناء، دفعت بالدول الكبرى إلى تجاوز العديد من خلافاتها بشأن مستقبل سورية، والشروع في التنسيق الفعلي من أجل مكافحة الإرهاب، حسبما قالت "روسيا اليوم". وفي هذا السياق جاءت تصريحات للرئيس الأميركي باراك أوباما في الفلبين التي تعد مفاجئة بدرجة كبيرة، إذ أشاد للمرة الأولى بالدور الروسي في سورية. وجاءت تصريحات أوباما بعد ساعات من قيام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتكليف وزارة الدفاع الروسية والقوات الروسية العاملة في سورية بالتنسيق مع العسكريين الفرنسيين بصفتهم "الحلفاء"، ووضع خطة مشتركة مع باريس لمكافحة الإرهاب من الجو والبحر. ولم يشر الرئيس الروسي في هذا السياق إلى تنسيق محتمل مع واشنطن، فيما اكتفى الكرملين بالتأكيد على زيارة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إلى موسكو الخميس لمناقشة التنسيق في مكافحة الإرهاب. لكن الرئيس الأميركي بدوره أكد انفتاح بلاده على التعاون مع موسكو بشأن سورية، وكشف عن تفاصيل لقائه الأخير مع بوتين على هامش قمة العشرين في تركيا في وقت سابق من الأسبوع الجاري. وتابع أنه أكد لبوتين إنه إذا عدلت روسيا إستراتيجيتها العسكرية في سورية للتركيز على محاربة "داعش"، فسترحب واشنطن بالتعاون مع موسكو في تكثيف الغارات على الإرهابيين. وقال للصحافيين في الفلبين حيث وصل للمشاركة في قمة "آبيك": "إنه أمر نتوق ونسعى إليه بشدة". وتابع أن التوصل إلى توافق بشأن الحل السياسي في سورية سيساعد أيضاً في تعزيز التعاون العسكري لمكافحة الإرهاب. ووصف روسيا بأنها "شريك بناء" في المفاوضات الدبلوماسية في فيينا بشأن سورية، مقراَ في الوقت نفسه بأن الخلافات بشأن مستقبل الرئيس السوري بشار الأسد مازالت قائمة. وتابع أوباما أنه أيد روسيا دائما في حربها ضد "داعش"، وأضاف أنه يريد أن تحول روسيا تركيزها من دعم الحكومة السورية إلى قتال تنظيم "داعش" وأنه سيناقش ذلك مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وجاءت كل هذه الدلائل الإيجابية بعد اتصال هاتفي بادر إلى إجرائه الرئيس الفرنسي للحديث مع نظيره الروسي، وذلك في سياق الإعداد لزيارتيه إلى واشنطن (يوم 24 نوفمبر) وموسكو (يوم 26 نوفمبر)، فيما أعلنت باريس أن الزيارتين تأتيان في إطار حملة الرئيس لحشد المجتمع الدولي لمواجهة الإرهاب بعد هجمات باريس. وعلى رغم أن المتحدث باسم الرئيس الروسي، دميتري بيسكوف قال إنه من السابق لأوانه الحديث عن إطلاق عملية تشكيل تحالف دولي موحد لمكافحة تنظيم "داعش" الإرهابي، إلا أن موسكو دعت مجلس الأمن الدولي إلى التصويت فوراً على مشروع قرار روسي خاص بتشكيل جبهة واسعة لمواجهة الإرهاب، وذلك بعد هجمات باريس الدموية التي حصدت أرواح 129 شخصاً، وتفجير الطائرة الروسية الذي أسفر عن مقتل ركابها الـ217 وطاقمها المتكون من 7 أفراد. وفي السياق نفسه، أعلن مندوب روسيا الدائم لدى منظمة الأمن والتعاون في أوروبا ألكسندر لوكاشيفيتش أن موسكو وباريس قد تطرحان في 4 ديسمبر/ كانون الأول المقبل مبادرة مشتركة خاصة بإعداد وثيقة بشأن قضية الإرهاب. وعلى رغم الخلافات التي مازالت قائمة بشأن التسوية السياسية في سورية، يبدو أن التنسيق العسكري قد بدأ على الأرض، على رغم إصرار واشنطن على النأي بنفسها عن عبارة "التعاون العسكري مع موسكو"، في معرض تعليقها على توسيع العملية العسكرية الروسية في سورية. وفي هذا السياق جاءت الغارات المكثفة التي شنتها الطائرات الروسية والفرنسية على معاقل "داعش" في الرقة، فيما قامت طائرات بريطانية بطلعات استطلاعية فوق المنطقة دعماً للفرنسيين. وأكدت واشنطن وموسكو أن الجانب الروسي أبلغ العسكريين الأميركيين مسبقاً بتكثيف غاراته التي اشترك فيها لأول مرة الطيران بعيد المدى. وفيما يخص استخدام الرئيس الروسي لكلمة "الحلفاء"، فقد أطلقها على البحارة الفرنسيين على متن حاملة الطائرات "شارل ديغول" التي تتوجه حالياً إلى سواحل سورية، إذ كلف طاقم الطراد الصاروخي الروسي "موسكو" الذي يدعم العملية الروسية، بإقامة الاتصال والتعاون مع مجموعة السفن الحربية الفرنسية. وفي السياق نفسه، أفادت صحيفة "Defense News" الأميركية بأن حاملة الطائرات "هاري ترومان" الأميركية قد تبقى لفترة في البحر المتوسط لقصف مواقع "داعش" في سورية بالتعاون مع القوات البحرية الفرنسية.
مشاركة :