إقرار التعديلات الدستورية خطوة في مسار التحديث السياسي في الأردن |

  • 1/18/2022
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

بعث إقرار البرلمان الأردني للتعديلات الدستورية الممهدة لمناقشة توصيات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، وإحالتها إلى العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني لختمها، رسالة مزدوجة إلى المشككين والإسلاميين مفادها أن الأردن ماض في الإصلاح السياسي رغم مساعي التشويش والتشكيك التي رافقت أعماله. ويقول مراقبون إن البرلمان الأردني بعد ختم التعديلات الدستورية سيكون على موعد مع خلافات عميقة بشأن إقرار توصيات اللجنة الملكية للتحديث السياسي التي تهدف إلى تعديل قانوني الأحزاب والانتخاب تمهيدا لإرساء حكومات برلمانية في الأردن. وفي خطوة تهدف إلى تلافي مساعي التشويش وإرباك أعمال البرلمان مع بدء مرحلة مناقشة التوصيات، وهي المرحلة الأكثر حساسية، قرر المجلس الاثنين تجميد عضوية النائب الإسلامي حسن الرياطي لمدة عامين بعد أن كان طرفا في مشاجرة بالأيدي شهدتها قاعة المجلس الشهر الماضي وتسببت في تعليق الأشغال لأكثر من ثلاثة أيام. نضال الطعاني: التعديلات إصلاحات حقيقية للعبور إلى المئوية الثانية وتنص المادة 160 من النظام الداخلي لمجلس النواب على أنه “يحق للمجلس تجميد عضوية كل من يسيء بالقول أو الفعل أو بحمل السلاح تحت القبة أو في أروقة المجلس بالمدة التي يراها المجلس مناسبة، وبالنظر إلى جسامة كل فعل على حدة بعد الاستئناس برأي اللجنة القانونية”. وفي الثامن والعشرين من ديسمبر الماضي شهد مجلس النواب الأردني فوضى عارمة وتبادلا للشتائم وعراكا بين نواب، خلال أول جلسة لمناقشة تعديلات دستورية مقترحة، حيث أظهرت مقاطع مصورة توجيه النائب الرياطي لكمات متتالية إلى زميله أندريه عزوني (مستقل). وأثار ما شهده المجلس موجة سخرية شعبية عارمة على وسائل التواصل الاجتماعي، وتصدر حينها وسم “مجلس النواب” قائمة الأكثر تداولا في المملكة، وسط انتقادات لاذعة لما جرى، فضلا عن انتشار واسع لمقاطع مصورة من حادثة العراك في مختلف وسائل الإعلام المحلية والدولية. وتسبب في هذا الخلاف النائب الإسلامي نتيجة اعتراضه على إضافة كلمة” أردنيات” إلى جانب ” الأردنيين” في أحد نصوص التعديلات الدستورية، لكن مراقبين قالوا إن ذلك ليس السبب المباشر لخلق حالة من الفوضى داخل البرلمان. وقالت صباح الشعار، الخبيرة الأردنية وعضو مجلس النواب السابق، إن “التعديلات الدستورية المقترحة، والتي من بينها إضافة كلمة الأردنيات إلى جانب كلمة الأردنيين في المادة الأولى من الدستور الأردني، ليست السبب الرئيسي في المشاجرة غير المسبوقة في تاريخ البرلمانات الأردنية”. وأكدت الشعار أن أزمة انتخابات الرئاسة وتشكيل المكتب الدائم وحالة الاحتقان غير المسبوقة بين أعضاء المجلس كانت السبب الرئيسي في الأحداث غير المتوقعة بجلسة البرلمان، الأمر الذي أثار حفيظة الشارع تجاه المجلس التاسع عشر في الوقت الذي يجمع فيه الجميع على أن إضافة كلمة الأردنيات تشكل رسالة إلى المنظمات والدول المانحة يفيد مضمونها بأن الأردن يعمل على إيلاء المرأة الدعم والتعزيز بهدف تمكينها في كافة المجالات. وعمل الإسلاميون داخل البرلمان الأردني (16 نائبا داخل كتلة الإصلاح) -منذ أن أحالت الحكومة الأردنية التعديلات إلى البرلمان- على خلق حالة من الفوضى أملا في تعطيل أعماله، وهو ما تفطن له مبكرا رئيس البرلمان عبدالكريم الدغمي. صباح الشعار: إضافة كلمة الأردنيات إلى جانب كلمة الأردنيين في المادة الأولى من الدستور الأردني، ليست السبب الرئيسي في المشاجرة وتأتي معاقبة الرياطي وتجميد عضويته سنتين كاملتين كرسالة قوية موجهة إلى كل من يريد تعطيل أشغال البرلمان بتعلات متعددة، وتفيد هذه الرسالة بأنه لا تهاون إزاء القوى المعطلة وقوى الشد إلى الوراء. وقال المحلل السياسي الأردني نضال الطعاني إن “التعديلات الدستورية والإصلاح السياسي من قانوني الأحزاب والانتخاب هي إصلاحات حقيقية للعبور إلى المئوية الثانية بكل تميز واقتدار وصولًا إلى الحكومات البرلمانية التي تشابه الديمقراطيات المتجذرة في العالم”. واعتبر الطعاني أن جلسة مجلس النواب التي شهدت تشابكا بالأيدي وتوجيه لكمات تدل على حالة الاحتقان داخل المجلس النيابي، مضيفا “خاب أمل الأردنيين عند مشاهدة هذا المشهد غير الحضاري”. وولّدت نتائج أعمال اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية مناخاً من الارتياح الحذر تجاه إمكانية تحقيق تقدم ملموس على مسار الإصلاح السياسي المعطّل في البلاد منذ عدة سنوات، إلا أن ذلك يثير الشكوك أيضا في فرص نقل هذه التوصيات إلى حيز التنفيذ. ويحتفظ الأردنيون بذكرى سيئة تجاه ورشات الحوار والإصلاح السابقة التي وضعت نتائجها على الرف ولم تفعّل توصياتها بعدما شغلت الأردنيين وخلقت ديناميكية سياسية واجتماعية أملا في تغيير يلبي تطلّع الأردنيين إلى ديمقراطية تشاركية. وهذه هي اللجنة الملكية الرابعة التي يتم تشكيلها على مدار السنوات الأخيرة، وجميع مخرجات هذه اللجان مازالت في أدراج الحكومة إلى اليوم. ويتوقع محللون أن تلقى بعض توصيات اللجنة رفضا حزبيا واسعا من أطراف سياسية قد تعتقد أن إدراج مثل هذه التوصيات في القانون الانتخابي الجديد سيقلص حظوظها الانتخابية. ويتوقع هؤلاء أن يبرز مجددا مصطلح “قوى الشد العكسي” التي تمثل في العرف السياسي الأردني التيار المحافظ الذي يسعى للحفاظ على الوضع الراهن، ويكرس الواقع شبه الريعي للدولة، والذي يساعد هذه القوى على احتكار السلطة والمال. ويرون أن هذه القوى ستسعى لإعاقة الدورة الدستورية لهذه المخرجات، وتوظف حالة اليأس العام والعزوف الشعبي لإضعاف الحالة السياسية بشكل متزايد ووضع العصي في دواليب الإصلاح والتغيير. الإسلاميون عملوا داخل البرلمان الأردني (16 نائبا داخل كتلة الإصلاح) على خلق حالة من الفوضى أملا في تعطيل أعماله ورغم أنه لم يسبق للبرلمان أن رفض مشاريع قوانين يدعمها العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني لا تزال هناك مخاوف من أن يكون مصير توصيات اللجنة كمثل سابقاتها من اللجان. وفي حال أريد تمرير مخرجات اللجنة الملكية بناء على ضمانة الملك يجب أن تتبنى الحكومة الأردنية التوصيات كمشاريع قوانين، وترسلها إلى ديوان الرأي والتشريع، ثم إلى مجلس النواب لإقرارها، ومن ثم إلى مجلس الأعيان للموافقة عليها، وتوشح بعد ذلك بالإرادة الملكية، ثم تُنشر بالجريدة الرسمية لتصبح قانونا نافذا.

مشاركة :