قل ما شئت إلا العنصرية فلا وألف لا

  • 1/17/2022
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

لعل من نافلة القول، أن نذكر حقيقة أجدها مذهلة، وهي أن جميع مشاكل البشرية في هذا العالم من أكبرها إلى أصغرها شأنا، تأتي من منطلق التفكيرالأحادي البعد، هذا النمط الذي يبني صاحبه رؤيته للمعطيات من حوله، على اعتبار أن وجهة نظره تلك هي الوحيدة التي يمكن أن تكون صحيحة. البعد الأحادي ليس له وجود في هذا الكون، الكل يتحدث الآن عن الأبعاد الثلاثية الطول والعرض والارتفاع وغيرهم يتحدث عن البعد الرابع، وهو الزمن وغيرهم يضيف البعد الخامس، وهو الروح، الطامة الكبرى في حيواتنا أن كل شيء لا يمكن تصوره إلا بشكل ثلاثي الأبعاد، إلا لغتنا التواصلية فهي ما زالت سطحية ذات فكر أحادي، مطعمة بنكهات العنصرية والتمييز والكراهية. طرأت لي هذه الفكرة وأنا أقرأ بعض التعليقات والحوارات التويترية، بشأن دعوة الكاتب عادل محمد عبده إلى سعودة مهنة عامل النظافة، والتي أثارت ضجة واسعة، حيث اعتبرها كثيرون استفزازية، وتضرب طموحات الشباب السعودي، لست هنا في معرض طرح رأيي في الموضوع، خالفته أو وافقته يظل كلامه محل الاحترام والتقدير، لكن ما أزعجني هو في طريقة تعاطي الجمهور مع الآراء الجديدة، وللأسف وقد طفا على السطح أسوأ ما في النفس من العنف و"العبط"، وكأننا نتحدث عن نتانة وعفن مختبئين في الأعماق، لا تزيدهما الآراء الجديدة إلا توهجا. وقد بدأت النقاشات والحوارات كما هي العادة في التشكيك بالوطنية، وببعض العبارات العنصرية حتى تحولت النقاشات إلى حالة أقرب من «الولولة» منها إلى حوار واضح ومفهوم، إنه أمر يدعو للغرابة والتعجب هذا التفكير الأحادي، وإقصاء الآخر بهذه الطريقة الهجومية، التي لا تدع مساحة لأي رأي مغاير، كان ذلك في الأزمان الماضية السحيقة، حين كانت الآراء ووجهات النظر مسلمات وقطعيات ويقينيات «لا تحتمل الخطأ». اليوم التجارب الكونية وصلت للأبعاد الخماسية، ما يعني أنه لا وجود لأفكار مطلقة، كله نسبي، كما يقول أينشتاين في نظريته كله يتعلق متأرجحا في الهواء، وهنا تكمن معضلتنا البشرية، في أننا ما زلنا في البعد الأحادي، ومتى ما أدركنا أسبابها سننطلق إلى الأبعاد الأخرى، وبالتالي تتجلى كل مآسينا، وهذه الحقيقة أن كل معاناة البشرية كانت ضحية فكرة أحادية، يتم عزفها بأوتار العنصرية والكراهية، المسألة هنا مسألة اختلاف يفسد في الود قضية، عندما أكون أنا صاحب حق في طرح فكري وغيري ليس له الحق، ولذلك يموت الملايين حول العالم بسبب دياناتهم، أصولهم، انتماءاتهم العرقية، طبقتهم الاجتماعية وحالتهم الاقتصادية، ليس لأنهم مجرمون في طبيعتهم، بل لأنهم مؤمنون بفكرة أحادية، لا يستطيعون أن يروا الخطوط الفكرية الموازية لها، لا يمكنهم أن يتصوروا أنها قد تكون أفكار دائرية مغلقة، تلتف حول نفسها، ربما تشنقهم يوما ما. أخيرا أقول: يجب الإسراع في تفعيل قانون يجرم التمييز العنصري بجميع أشكاله، ضد الأفراد والجماعات، ومنع الانتقاص منهم بسبب اللون أو الجنس أو العرق أو الطائفة، والحيلولة دون نشر النعرات القبلية والمناطقية.

مشاركة :