المطر يعرّي الإهمال - أيمـن الـحـمـاد

  • 11/19/2015
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

مفتش نزيه، يكشف الغطاء، ويزيح الغشاوة، ويقيّم المشروعات، ويضعها على محك الاختبار، أفضل من استشاري، وأمهر من مهندس، وأدق من راصد، عجباً لأمر المطر. أول من أمس كانت جدة ومدن الشمال في موعد مع الغيث، وعندما يحلّ موسم المطر، تغشانا هواجس من أن تتكرر إهمالات وتقاعس المقاولين والمراقبين الذين أصبح الإهمال والكسل لدى بعضهم ثقافة، استمرأوا فعلها، فغدت عادة يستحيل الإقلاع عنها. بالأمس، كشف الأمير خالد الفيصل مكامن ما أدى لتعطيل جدة، وأعطى لمحة سريعة لأحد مسببات ما حدث صباح الثلاثاء، وهو أمر في حد ذاته مطلوب، إذ إن المكاشفة في هذا الوقت أفضل وأسلم طريقة لدرء الشائعات والقيل والقال. أبان التصريح الذي تحدث به أمير مكة نجاح مشروعات درء السيول التي نفّذتها الإمارة بعد الكارثة الشهيرة التي وقعت قبل بضعة أعوام.. وهذا يؤكد نجاح تلك المشروعات في اختبار المطر، لكن لماذا يبدو المشهد كارثياً عند غزارة المطر؟ يفصح الأمير خالد بأن ما حدث ربما يحصل في أي مكان، وهذا صحيح.. ففي أوروبا والولايات المتحدة حيث البنية التحتية عالية الجودة والمصممة طبقاً لظروف مناخية تغزر فيها الأمطار، يحدث أن تتضرر المناطق، ونذكر هنا أمطار لندن العام الماضي التي غمرت مناطق في العاصمة البريطانية، ولكن ذلك لم يمنع من توجيه النقد للمسؤولين هناك.. فالانتقاد البنّاء في المجمل أمرٌ يحثنا عليه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ومن خلال ذلك تستقيم الأخطاء وتقل. إن الإمكانات التقنية اليوم والتي تتيح لنا التنبؤ بموسم المطر والكمية المتوقع هطولها، تجعل المسؤولين عن صيانة الأنفاق والمرافق مطالبين بالإجابة عن موقع الصيانة الدورية في جدول أعمالهم، وأسباب إهمالهم لها.. إن من الضروري أن نؤكد بأن تلك المرافق تُدار من قبل موظفين يجب إخضاعهم للمساءلة والمحاسبة إن أهملوا، فلا مكان للمهملين والمستهترين اليوم في زمن نطمح فيه للتقدم نحو مصاف الدول التي تخطو إلى الأمام، لاسيما إن كانت تبعات هذا الإهمال تطال الصالح العام. يشهد العالم اليوم بشكل عام تقلبات مناخية كبيرة؛ فهناك مناطق تضربها موجات جفاف قاسية لم تكن تكابدها في السابق، وأخرى تعاني موجات غبار شديدة يستنكرها سكان تلك المنطقة، وأخرى تشهد أمطاراً غير معتادة وهي التي لم يكن المطر جزءاً من مناخها.. يجدر بنا اليوم وضع خطة لما يمكن أن يواجه بعض مدننا واستباق خطر السيول قبل أن تقع، وإجراء مسح للمناطق والأحياء التي قد تكون عرضة للسيول، ومعالجة الأمر قبل أن يبادرنا المطر.

مشاركة :