أجرت الإذاعة المصرية هذا الحوار مع الموسيقار محمد فوزى قبل نحو 57 عامًا، كان عائدًا من رحلة العلاج بفرنسا، والمرض ينهش فى جسده النحيل، لم يستطيعوا فى البداية اكتشافه، فأطلقوا عليه (مرض فوزى)، ثم توصلوا إلى أنه نوع نادر من السرطان. سألوا فوزى عن الأغانى الجديدة التى استمع عليها؟، فأثنى على (بعيد عنك)، وهذا يؤكد أن الحوار فى نهاية عام 65، بينما فوزى رحل أكتوبر 66، وقال إن العالم كله يترقب أغنيات أم كلثوم، سألوه عن أغنية (على حزب وداد جلبى) آخر أغانى عبد الحليم، التى كانت قد حققت نجاحًا مدويًا، طلب أن يسمعها أولًا، بادرت المطربة شريفة فاضل، التى كانت حاضرة الجلسة، وأثنت على ما قدمه بليغ فى تطوير الفولكلور، إلا أن فوزى لم يعقب وطلب منها فقط أن تغنيها، وبعد أن استمع إليها قال بغضب غلط كان يجب أن يقدم (الموتيفة) الموسيقية كما هى، ما دام قرر أن يأخذ شيئًا من التراث الغنائى عليه أن يلتزم، وضرب مثلًا بما فعله الرحبانية وفيروز عندما أعادوا (زورونى كل سنة مرة) و(الحلوة دى قامت تعجن فى البدرية) لسيد درويش التزموا بـ(الميلودى) الأصلى كما قدمه درويش. فى السهرة تواجد مؤلف (على حزب وداد قلبى) صلاح أبو سالم، والذى كان لديه أغنية أخرى من الفولكلور (الحنة يا الحنة يا قطر الندى)، طلب فوزى من شريفة غناءها كما هى، ورددها هو أيضًا معها قائلًا هكذا تُقدم، ومن الممكن التنويع على (التيمة) الموسيقية، هذا هو الأداء الصحيح، بينما تقديم لحن آخر لا يعد أبدًا على أى نحو تطويرًا، بل تشويهًا. مشروع فوزى لم ير النور، من الواضح أن حالته الصحية تدهورت بعدها، والأغنية قُدمت بعدها بسنوات بكلمات مرسى جميل عزيز وتلحين بليغ حمدى بصوت شادية. بليغ أخذ بنصيحة أستاذه وقدم اللحن بالضبط كما أراده فوزى، غنت بعدها شادية أيضا من ألحان بليغ (قولوا لعين الشمس ما تحماشى) التى كتبها الشاعر مجدى نجيب والتزم بالفولكلور. كان بليغ حمدى أقرب تلاميذ فوزى إلى قلبه، يكفى أن أذكر لكم ما قاله لى حرفيًا الشاعر مأمون الشناوى عن أغنية أم كلثوم (أنساك) من تأليفه، وتعددت التكهنات عن صاحب اللحن، الأغنية منسوبة كاملة فى الأوراق الرسمية لبليغ، ورغم ذلك فإن صلاح جاهين بمجرد تقديمها عام 61 رسم كاريكاتيرًا ساخرًا بجريدة (الأهرام) وجاء التعليق (أهو ده اللى مش لحنك أبدًا يا بليغ)، بينما سيد مكاوى قال إنه صاحب الكثير من المقاطع الموسيقية، وذلك لأنه أجرى البروفات الأولى مع أم كلثوم، ولكنه لم يتفق على بعض التفاصيل، فتوقف المشروع، فرشحت فوزى الذى أنهى تلحين المقدمة والمقطع الأول، واقترب موعد الحفل، ولم يكن فوزى قد أكمل اللحن، ورشح بليغ لاستكمال المهمة، وتبقى شهادة مأمون الشناوى الذى قال إن المقدمة والمذهب الأول للأغنية (أنساك ده كلام.. أنساك يا سلام)، تلحين فوزى، وأكمل بليغ باقى المقاطع، الغريب أن بليغ لم يذكر أبدًا فى أى حوار دور أستاذه فوزى فى (الحنة) و(أنساك). عندما يغيب شهود الإثبات لا تغيب بالضرورة الحقيقة. المقال: نقلًا عن (المصري اليوم).
مشاركة :