العتاب الدائم الذى تتلقاه (الميديا): لماذا تذكرتم فلانًا بعد الرحيل، ألم يكن يستحق أن تمنحوه وردة وهو بينكم، بدلا من أن تضعوا باقة ورد على قبره؟!.رأى صحيح نظريًّا، إلا أنه يخاصم الواقع، الإعلام يتحرك وفقًا لمنهجى الفعل و ورد الفعل، أى أن تكون أنت صاحب الحدث، أو تنتظر حدثًا يستحوذ على اهتمام الناس.. (الميديا) المصرية فى السنوات الأخيرة بسبب كثرة المحاذير وكثرة سوء الظن باتت فقط تلعب فى مساحة رد الفعل، وتتجنب الدخول إلى المناطق السياسية المحظورة.لو رأيت مثلًا قبل 48 ساعة صفحة كاملة أو فقرة فى برنامج عن هيثم أحمد زكى، هل كنت ستتابعه بشغف، أم أن سؤالك سيصبح لماذا وما الذى قدمه؟.. وربما تتهم الصحفى أو المذيع بأنهما لا يجدان شيئًا يملآن به الفراغ.لم تتناول (الميديا) هيثم طوال 13 عاما بكل ولا حتى بجزء يسير من هذا الشغف، منذ اطلالته الأولى علينا فى (حليم) 2006 حتى آخر أفلامه (الكنز) 2019، هيثم تركيبة تميل للوحدة والاكتئاب مبتعدًا حتى عن الوسط الفنى.أتذكر قبل سنوات فى أحد البرامج التقينا هيثم ومنى زكى وأنا فى ذكرى أحمد زكى، وكان عتاب منى على هيثم أنها تبحث عنه ولا تعرف كيف تتواصل معه.هيثم لم يستفد شيئا من اسمه الثلاثى، على العكس دفع الثمن، لأن الجمهور كان ينتظر منه أن يعيد إليهم مجددا أحمد زكى، مثلما يريد البعض من محمد عادل إمام أن يستنسخ عادل إمام.هيثم لم يأخذ من أحمد سوى اسمه وملامحه ولونه، ولم يتكئ على شىء آخر، البعض يعتقد أن أحمد هو الذى رشحه لأداء دور عبدالحليم شابًّا فى فيلم (حليم)،بينما الواقع أن أحمد كان يرى فى نفسه فقط القادر على أداء مرحلة الشباب، والمخرج شريف عرفة كان يرى أنه يجب البحث عن شاب لأداء الدور، ولم يطرح اسم هيثم أو غيره وأحمد على قيد الحياة.شريف عرفة أجرى (تيست) كاميرا لهيثم ووجده يصلح، فقرر أن يسند له الدور، هل وجد فيه حلقة متوسطة بين أحمد زكى وعبدالحليم؟ ربما. كان من المتداول وقتها أن الإعلامى عماد الدين أديب أجرى مع هيثم عقد احتكار لعدد من أدوار البطولة من خلال شركة (جود نيوز)، إلا أن الشركة تعثرت ماديا ولعب هيثم بطولة خارج نطاق الشركة فى فيلم (البلياتشو) لم يحقق أى نجاح، وابتعد ثلاث سنوات حتى أعاده للحلبة الكاتب وحيد حامد والمخرج محمد يسن فى مسلسل (الجماعة) الجزء الأول 2010، واستمر هيثم يتواجد قليلا ويبتعد كثيرا، ولكن لم تتحقق له النجومية ولا الجماهيرية، كان متفهمًا طبيعة المرحلة التى يعيشها، ولهذا لم يجد أى غضاضة فى أن يشارك بالتمثيل فى مسلسل بطولة أمير كرارة أو محمد رجب.هيثم الإنسان اليتيم الخلوق هو من تناولته الميديا مؤخرا تبعا لسياسة رد الفعل، وبعد قليل سوف ينتقلون أيضا تبعًا لنفس السياسة إلى انتقاد الكاتب أحمد مراد بسبب أنه قال إن بعض روايات نجيب محفوظ عانت من ضعف الإيقاع، رغم أن نجيب محفوظ كان موقنا أن الأجيال القادمة سيصبح لها بالضرورة إيقاع مختلف ومفردات مغايرة، بالتالى سيتوجهون إلى نوع آخر من فن الرواية، ولكنهم نجيبيون أكثر من نجيب، وهيثميون أكثر من هيثم!!.
مشاركة :