لأكثر من ثلاثة أشهر والأزمة السودانية تراوح مكانها، ولم تفلح مساعي الحل في إيجاد مخرج ينهي حالة التوتر، فالاحتقان الشعبي انجرف إلى حالة من الاستقطاب والاستقطاب المضاد. وفي الوقت الذي واصل المطالبون بالحكم المدني احتجاجاتهم المناهضة لسيطرة العسكر على السلطة، برزت حشود أخرى داعمة للعسكريين شهدتها العاصمة خلال الأيام القليلة الماضية، وما بين المعسكرين تزاد الأوضاع في كل مناحي الحياة تعقيداً. وخرجت أمس تظاهرات حاشدة في الخرطوم ومدن أخرى ترفع المطالب والشعارات المطالبة بالحكم المدني ومحاسبة المتسببين في قتل المتظاهرين خلال الأشهر الماضية، في ظل الاحتجاجات المستمرة منذ قرارات قائد الجيش الفريق عبدالفتاح البرهان التي أبعد بموجبها شركاءه المدنيين في الحكومة الانتقالية. وحدد المتظاهرون القصر الرئاسي وجهة لهم، ولكن القوات الأمنية دائماً ما تحول بينهم والوصول إلى مقر الرئاسة، إذ تصدت قوات من شرطة الاحتياطي المركزي لهم بالغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية، وخراطيم المياه، وفي مشهد بات مألوفاً دخل المتظاهرون في عمليات كر وفر مع قوات الأمن التي أحكمت طوقها على منطقة وسط الخرطوم التي سبق وأن حظرت لجنة الأمن التظاهرات والتجمعات فيها. انهيار محتمل وعلى ضوء ما تعيشه البلاد من استقطاب سياسي تمظهر في خروج تظاهرات داعمة للجيش من قبل كيانات مجتمعية وشعبية أخرى، وفي ظل معاناة السواد الأعظم من السودانيين جراء ارتفاع أسعار السلع الأساسية، لم يستبعد المراقبون أن تقود الأوضاع الراهنة إلى انهيار كامل للدولة وتفتيت نسيجها الاجتماعي ما يتطلب من جميع الأطراف التعامل بالحكمة المطلوبة لوقف تدحرج البلاد نحو الهاوية. وأبدى المحلل السياسي عبود الخليفة في حديث لـ «البيان» تخوفاً من حدوث تصادم بين الحشود المؤيدة للجيش مع تلك التي تخرج لإبعاد الجيش عن السلطة، وأضاف «إذا لم يتدخل الحكماء في محاولة لقيادة تلك الحشود بشكل سلمي، يمكن أن ينشأ صدام ومزيد من الدماء بين أبناء الشعب السوداني». يؤكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة أفريقيا العالمية د. بشير الزمزمي لـ «البيان»، أن الملح الآن هو وحدة السودانيين على فكرة الدولة القائمة ومصالحها من دون الخضوع للمراهنات الحزبية، مشدداً على أن الأزمة سودانية وعبء حلها بأيدي السودانيين وليس سواهم. توافق يطالب محللون ونشطاء سودانيون أبناء بلدهم بالتوافق على الحد الأدنى مما يحمي سيادة ووحدة البلاد وتجنيبها شبح التقسيم، ويعتبرون أن تأخر الحل السياسي وعدم اختيار حكومة مدنية من التكنوقراط ورئيس وزراء مدني، عطل الكثير من المصالح والفرص على السودانيين. تابعوا أخبار العالم من البيان عبر غوغل نيوز طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :