يقول الشاعر المغربي رشيد منسوم في تقديمه لمجموعته الشعرية “وداعا أيها الدغل، مرحبا أيتها الفأس”: “يقال إن القناص ولو كان محترفا لا بد له أن يعود يوما ما إلى مكان الفريسة. فيما يخصني، اكتشفت أني لم أكن أكتب إلا لأكذب هذا الادعاء، وحين أنتهي من النص وأتركه جثة هامدة من ورائي، أمضي بأحلامه بكل هدوء من دون أن ألتفت إليه أو أن تتملكني لحظة ندم”. ويضيف منسوم متحدثا عن رؤيته تجاه القصيدة “في الشعر، خاسر من يعول على العودة إلى الأثر. خاسر من يعول على من يصنع الموسيقى من خفقة جناح الغراب. كل ما عليك فعله هو أن تحمل لقاح هذه الغابة إلى أديم غابة أخرى أكثر خرابا. لهذا السبب يدهشني أندريه مالرو معلقا على جوهر الفن عند جيل دولوز حين يقول: إن الفن هو الشيء الوحيد الذي يقاوم الموت”. ويواصل منسوم في مجموعته، الصادرة عن دائرة الثقافة بالشارقة، مغامرة الكتابة الشعرية من بوابة تحديث علاقة اللغة بالقصيدة، وهو بحسب مدير دار الشعر في مراكش عبدالحق ميفراني “شاعر يروض اللغة، من خلال ما يفتحه من رؤى وصيغ بلاغية ومعالم تنفتح عليها نصوصه”، فثمة “إنصات بليغ للصمت، ولعوالم مفتوحة على البداهة، حيث الفأس والذئب والأشجار والشاعر يخوضون أثرا بليغا”. ويمثل منسوم أحد أبرز الأصوات الشعرية الممثلة لمشهد القصيدة المغربية الحديثة، فمن مجموعته الأولى “سلام عليكم، أيها النائمون”(2004) لفت هذا الشاعر نظر المهتمين بالشعر المغربي الذين تناولوا هذه المجموعة بالدرس. ولعل عبوره بين ضفتين وجغرافيتين شعريتين (المغرب وفرنسا) أهله لأن يجعل من رهانات اللغة الشعرية ومتخيلها أفقا لقصيدته.
مشاركة :