تواصل – فريق التحرير: يصادف اليوم 17 رجب، العديد من الأحداث التاريخية، وفي هذه الفقرة تسلط “تواصل” الضوء على أبرز هذه الأحداث 1358هـ اندلاع الحرب العالمية الثانية في مثل هذا اليوم من عام 1358هـ، الموافق الأول من سبتمبر 1939م، اندلعت الحرب العالمية الثانية، وانطلقت شرارتها، على إثر نزاع ألماني بولندي؛ حول ممر وميناء «دانتزج»، ير أن الأسباب الحقيقية لتلك الحرب كانت أبعد من ذلك؛ فيرجع البعض سببها إلى تسويات ما بعد الحرب العالمية الأولى، والتي أدت إلى تغير في رسم خريطة العالم، وبخاصة أوروبا، حيث أبرمت معاهدات أخذت طابع الانتقام ضد ألمانيا عقابًا لها، ودفعت أحد أعضاء الوفد الألماني في مؤتمر «فرساي» سنة 1337هـ الموافق 1919م، والذي عقد للصلح؛ إلى أن قال للحلفاء: “سنراكم مرة ثانية بعد عشرين عامًا”؛ فكانت الحرب العالمية الثانية التي طالت أغلب دول العالم، والتي هي الأعنف في حروب البشر وصراعاتهم. ألمانيا بعد «فرساي» أمل الألمان في صلح عادل بعد هزيمتهم في الحرب العالمية الأولى، غير أن هذا الصلح كان بمثابة قاصمة للشعب الألماني؛ إذ خسرت ألمانيا 12.5% من مساحتها، و12% من سكانها، و15% من إنتاجها الزراعي، و10% من صناعتها، و74% من إنتاجها من خام الحديد. وتقلَّصت مساحة السواحل الألمانية على بحر البلطيق وبحر الشمال، ونصَّ صلح «فرساي» على الحيلولة دون قيام الوحدة بين ألمانيا والنمسا، والتي تضم أكبر مجموعة من الألمان تعيش خارج ألمانيا، ودخل نحو 2 مليون ألماني حدود بولندا، ونحو 3.5 ألماني حدود دولة «تشيكوسلوفاكيا» التي نشأت بعد الحرب العالمية الأولى. كانت الأقليات الألمانية هذه سببًا مباشرًا في عدم الاستقرار، وفرضت على ألمانيا تعويضات قُدِّرت 6.6 مليار جنيه بخلاف فوائدها. حددت معاهدة «فرساي» ألا يزيد الجيش الألماني على 100 ألف، وسفن الأسطول الألماني، وحرمته من امتلاك سلاح الجو، مع دفع تعويضات ضخمة للحلفاء. وتقرر أن تخلي ألمانيا المناطق الواقعة على الضفة اليمنى لنهر الراين بعرض ثلاثين ميلا من القوات العسكرية، وأرادت فرنسا فصل هذه المنطقة عن ألمانيا، وإقامة دولة مستقلة؛ تكون حاجزًا بينها وبين ألمانيا التي أُجبرت على التخلي عن مستعمراتها فيما وراء البحار. ورأت فرنسا أن ألمانيا لم تتحطم بعد، فأقدمت عام 1342هـ الموافق 1923م على احتلال إقليم «الروهر» الألماني الغني بالمناجم، ورأت ن هذا يرغم ألمانيا على دفع التعويضات. صعود هتلر تسببت هذه الضربات المتلاحقة للاقتصاد الألماني في عدم استقرار سياسي، وتعمقت هذه الأزمات سنة 1348هـ الموافق 1929م، عندما تعرض العالم لأزمة اقتصادية طاحنة بدأت في الولايات المتحدة، وانتقلت إلى جميع دول العالم، وكانت معانات ألمانيا أشد؛ توقفت أغلب مصانعها، وزاد عدد العاطلين بها عن 6 ملايين عامل، وانتشرت روح القلق والسخط في نفوس العمال، وخرجت المظاهرات ترفع الأعلام الشيوعية الحمراء؛ فتطلعت الأنظار إلى حزب العمال الاشتراكي الوطني الذي يرأسه «أدولف هتلر»، وانضم كثير من أرباب المهن فضلًا عن الجنود القدامى، ، وأُعجب هؤلاء بالنازية التي نادت بتوحيد الألمان في دولة واحدة تتساوى مع الدول الكبرى، وإلغاء معاهدات الصلح المهينة، وإبعاد اليهود والأجانب من الحياة الاقتصادية والاجتماعية في ألمانيا. رفع الحزب شارة الصليب المعقوف رمزًا له، وتضاعف عدد النازيين أثناء الأزمة الاقتصادية، فحصل حزب هتلر على المركز الثاني في مقاعد البرلمان الألماني المعروف بـ «الرايخستاج» عام 1349هـ الموافق 1930م، وتولى منصب المستشارية الألماني التي هي رئاسة الوزراء في ألمانيا في 1351هـ الموافق يناير 1933م. عزم هتلر على السيطرة على زمام الحكم في البلاد، فاستصدر أمرًا بحل «الرايخستاج» وإجراء انتخابات جديدة، وبدأ في عملية إرهاب ضد أعدائه ومعارضيه، وأعلن أن الحزب الوطني الاشتراكي النازي هو الحزب القانوني الوحيد في البلاد، وتولَّى سنة 1353هـ الموافق 1934م منصب الرئاسة في ألمانيا مع احتفاظه بمنصب المستشارية، وكان ذلك تمهيدا لطريق الحرب العالمية الثانية. موسليني والفاشية هدد الخطر الشيوعي إيطاليا، فنشأت الفاشية، حيث انضمت إيطاليا إلى الحلفاء أثناء الحرب العالمية الأولى لتحقيق مغانم استعمارية في أفريقيا والشرق الأدنى والساحل الأدرياتيكي، وفقدت في تلك الحرب حوالي 650 ألف جندي، غير أن الحلفاء عاملوها كشريك صغير عند توزيع الغنائم، فلم تفُز في الصلح بغير تسعة آلاف ميل مربع من الأرض في أوروبا، ومليون ونصف في جهات مختلفة، ولم تقنع روما بهذه المكاسب التي أثارت استياء الإيطاليين. ساد جو من الاضطراب وعدم الاستقرار في الحكم؛ فتعاقبت الوزارات، وتفشَّت البطالة وتراكمت الديون، وأصبح غالبية الشعب يميل نحو الشيوعية، عندها تقدم اليمين المتطرف بزعامة «موسوليني» للسيطرة على الحكم، وقاد «موسوليني» عملية الزحف على روما في ربيع أول 1341هـ الموافق أكتوبر 1922م، واستطاع أن يُسقط الحكومة ويؤلف الوزارة، وبدأت الفاشية في إيطاليا، وقاد سياسة توسعية خارجية، وطالب بإعادة النظر في مشكلة التعويضات، ومعاهدات الصلح. ألمانيا الهتلرية تعرض ميزان القوى في أوروبا للخطر مع تولِّي النازيين بزعامة هتلر للحكم في ألمانيا، وكانت السياسة الخارجية لهتلر تهدف لإزالة عار الهزيمة وتبعاتها عن ألمانيا؛ لتحتل الصدارة بين الأمم، وتقوم بتصفية حسابها مع من أذلُّوها خاصة فرنسا، ويوحد الشعوب الألمانية في دولة واحدة، ولن يتحقق ذلك إلا بتحطيم معاهدة فرساي، والقضاء على بنودها، وبسط السيطرة الألمانية على أوروبا سواء بالوسائل السلمية أم الحرب. أعاد هتلر تسليح ألمانيا، فأعلن في المحرم 1354هـ الموافق مارس 1935 امتلاك السلاح الجوي، ثم عقد في نفس العام اتفاقًا بحريًا مع بريطانيا، وألغى التحديد الصارم للقوات البحرية الألمانية مقابل اعترافه بتفوق القوات البحرية البريطانية، وتساهلت بريطانيا في عدد وحمولات الغواصات التي يمكن لألمانيا امتلاكها، واستطاع بذلك أن يفصل بريطانيا عن الحلف الذي أقامته فرنسا مع الاتحاد السوفيتي، كذلك زاد عدد الجيش الألماني إلى 300 ألف مقاتل بدلًا من 100 ألف، وفرض الخدمة العسكرية الإجبارية، وأقام جيش دائم في السلم يُقدر بنصف مليون جندي. شرع هتلر في احتلال أراضي الراين في المحرم 1355هـ الموافق مارس 1936م على الرغم من أن صلح «فرساي» ينص على أن تكون منطقة محايدة منزوعة السلاح ضمانًا لأمن فرنسا. في نفس الفترة احتلت إيطاليا الحبشة، ففسدت العلاقة بين إيطاليا والحلفاء، وكانت تلك بداية تكوين تحالف «المحور»، الذي تدعم بمساندة هتلر وموسوليني لثورة فرانكو في الحرب الأهلية الإسبانية بحوالي ثمانين ألف جندي. دول المحور بسبب فساد العلاقات بين إيطاليا وكل من بريطانيا وفرنسا؛ بسبب احتلال إيطاليا للحبشة، بالإضافة إلى عوامل أخرى؛ منها التشابه الأيديولوجي بين النازية والفاشية، وحاجة الدولتين إلى التوسع الخارجي لامتصاص الزيادة السكانية، تكون المحور. أدى اندلاع الحرب الإسبانية لتوحد جهودهما، وظهرت كلمة المحور في خطاب لموسوليني في رمضان 1355هـ الموافق نوفمبر 1936م، وفي نفس الشهر وقَّعت إيطاليا واليابان وألمانيا معاهدة ضد الشيوعية، ثم تطورت عام 1358هـ الموافق 1939م إلى تحالف سياسي وعسكري كامل عُرف باسم «محور روما – برلين»، ويقضي بتوسع إيطاليا في البحر المتوسط وتوسع ألمانيا في وسط وشرقي أوروبا. بدأت عملية استقطاب دولي سريع في تلك الفترة بين المعسكرين الكبيرين «المحور» و«الحلفاء»؛ فانضمت اليابان ثم المجر وبلغاريا ورومانيا وسلوفاكيا وكرواتيا إلى المحور، أما الحلفاء فكان يأتي في مقدمتهم بريطانيا وفرنسا. الحرب العالمية الثانية احتل هتلر النمسا في المحرم 1357هـ الموافق مارس 1938م ودمجها في ألمانيا، وهو ما عُرف باسم «الرايخ الثالث»، ثم سيطر على تشيكوسلوفاكيا في العام التالي، وتحول لابتلاع بولندا، وقامت إيطاليا بغزو ألبانيا، ووقَّعت روما وبرلين ميثاقًا عسكريًا يقضي بأنه إذا تورطت إحدى الدولتين في الحرب مع دولة أخرى أو مجموعة من الدول، فإن الدولة الأخرى تسارع إلى مساعدتها كحليفة، وتقدم لها ما يلزمها في البر والبحر. حدث في المقابل تقارب فرنسي بريطاني مماثل، وتعهد الإنجليز بضمان استقلال بولندا. ولم يقف رئيس الوزراء البريطاني «تشمبرلين» موقفًا حاسمًا من احتلال هتلر لتشيكوسلوفاكيا، ولم يتقبل دعوة الرئيس السوفيتي «ستالين» بعقد مؤتمر دولي من الدول الكبرى لضمان حماية أوروبا الوسطى وشرق أوروبا؛ وذلك لأن بريطانيا كانت تخشى من الخطر الشيوعي وسيطرته على أوروبا. مع اشتداد الأطماع الألمانية في بولندا، لم تفلح جهود بريطانيا وفرنسا في إقناع بولندا بمرور الجيش السوفيتي في أراضيها، وقال وزير خارجية بولندا: “إننا مع الألمان نفقد استقلالنا، ومع السوفيت نفقد روحنا”. وقَّع الاتحاد السوفيتي مع ألمانيا معاهدة عدم اعتداء في رجب 1358هـ الموافق أغسطس 1939م، وأصبح هذا الميثاق بمثابة الضوء الأخضر لألمانيا للهجوم على بولندا. في 17 رجب 1358هـ الموافق 1 سبتمبر 1939م كانت القوات الألمانية تجتاز الحدود البولندية، وتشعل شرارة الحرب العالمية الثانية، وبدا واضحًا أن بريطانيا وفرنسا هما الخاسرتان من الحرب مهما كانت نتائجها. اضطُّرت الدولتان إلى توجيه إنذار نهائي لألمانيا في اليوم الثالث لدخولها بولندا، وبدأت الحرب تستعر، واستطاع الجيش الألماني دخول الدانمارك والنرويج وهولندا وبلجيكا وفرنسا والبلقان، لكنه فشل في احتلال بريطانيا، بعد المعارك الجوية الرهيبة بين الألمان والإنجليز، وفشلت الغواصات الألمانية في قطع طرق مواصلات الإمبراطورية البريطانية فيما وراء البحار. تحول هتلر لمهاجمة الاتحاد السوفيتي في جمادى الآخرة 1360هـ الموافق يونيو 1941م تاركًا بريطانيا خلف ظهره، وهي القاعدة الإستراتيجية التي يمكن أن توجه منها الهجمات إليه. قام اليابانيون بمهاجمة الأسطول الأمريكي في المحيط الهادي في ميناء «بيرل هاربر»، وأغرقوا كثيرًا من قطعه، ثم انطلقوا في جنوب شرقي آسيا، وأصبحوا على مقربة من أستراليا، وحتى أوائل 1361هـ الموافق 1942م كان المحور يحقق انتصارات في كل مكان. أما الحلفاء والغرب فكانوا في أقصى درجات الانهيار، واخترقت القوات الألمانية شمال إفريقيا نحو الشرق الأوسط، في محاولة للاتصال باليابانيين في الهند، لكنها هُزمت في معركة «العلمين» الشهيرة. تغيرت الصورة قبل نهاية عام 1362هـ الموافق 1942م؛ فهُزم الأسطول الياباني في معركة «ميداوي»، ثم هُزم القائد الألماني «رومل» في «العلمين»، وبعد بضعة أشهر كانت القوات الألمانية تستسلم في «ستالنجراد» بالاتحاد السوفيتي مسجلة بذلك نقطة تحول في الحرب الألمانية السوفيتية، وبدأ الحلفاء في غزو ألمانيا.\ عبر الروس في المحرم 1364هـ الموافق ديسمبر 1944م الحدود الألمانية لأول مرة، واستمر الحلفاء في التقدم رغم بسالة الألمان في الدفاع عن دولتهم وخسارتهم مئات الآلاف من القتلى. أصبح قلب ألمانيا مفتوحًا، فتدفق داخله السوفيت والأمريكان، ونجح الحلفاء في دخول روما، وأعدم الثوار الإيطاليون «موسوليني» وعلّقوه من قدميه في أحد أعمدة الإنارة في «ميلان». انتحر هتلر في 28 جمادى الأولى 1365هـ الموافق 30 إبريل 1945م، ووقَّع ممثلو ألمانيا وثيقة الاستسلام بلا قيد أو شرط. أما اليابان فقد وقّعت وثيقة الاستسلام بدون قيد أو شرط في 4 شوال 1365هـ الموافق 2 سبتمبر 1945م بعد إلقاء قنبلتين ذريتين على «هيروشيما» و«نجازاكي»، وبعدها بثلاثة أيام رُفع العلم الأمريكي فوق طوكيو، وانتهت بذلك رسميًا الحرب العالمية الثانية بعد ست سنوات من القتال الشرس، خسرت فيه البشرية حوالي 17 مليونا من العسكريين وأضعاف هذا العدد من المدنيين.
مشاركة :