تواصل – فريق التحرير: يصادف اليوم 3 رجب، العديد من الأحداث التاريخية، وفي هذه الفقرة تسلط “تواصل” الضوء على أبرز هذه الأحداث 490 هـ سقوط مدينة نيقية عاصمة الدولة السلجوقية في أيدي الصليبيين في مثل هذا اليوم من عام 490هـ الموافق 21 يونيو 1097م، سقطت مدينة نيقية عاصمة الدولة السلجوقية في أيدي الصليبيين، وذلك خلال حملتهم الصليبية الأولى، وهي الحملة التي أسفرت عن قيام 4 إمارات صليبية، هي: إمارة الرُّها، وأنطاكية، وطرابلس، ومملكة بيت المقدس. حيث اجتمعت أربع جيوش أوروبية عام 490 هـ (1097 م) في الأناضول، قُدر عدد جندوها بـ 300 ألف جندي؛ لغزو بلاد الشرق والاستيلاء عليها من يد المسلمين، وقدم الإمبراطور البيزنطي دعمه لهذه الحملة بالمؤن والمساعدات وبعض المدد العسكري، ليَطردوا السلاجقة من المنطقة، وأجبر الامبراطور ثلاثة من قادة الجيوش الأربعة على حلف اليمين بإعطائه جميع الأراضي التي يَستولون عليها من السلاجقة، وسارت الجيوش وحاصرت مدينة نيقية، التي هي عاصمة سلاجقة الروم وأهم مدنهم، فاستنجد أهلها بالسلطان السَلْجُوقي قلج أرسلان؛ الذي كان يُحاصر ملطية، فتركها وسار بسرعة لإنقاذ المدينة، لكنه اصطدم بجيش صليبي متأخر عن بقية الجيوش أثناء طريقه واقتتلا الجيشان في معركة شديدة، ووصل المدد إلى الصليبيين من الجيوش التي كانت تحاصر نيقية فانهزم السلاجقة وانسحبوا. توجه قلج أرسلان إلى الدانشمنديين وهي دويلة أخرى انفصلت عن السلاجقة، وكان بينها وبين مع سلاجقة الروم نزاع؛ فعقد معهم صلحًا للتعاون على مقاومة الصليبيين الذين يُهددون كليهما، فاجتمع مسلمو الأناضول وساروا معًا إلى سهول ضورليم لمقاومة الصليبيين وصدهم. وتقدم جيش واحد من جيوش الصليبيين إلى السهول لقتال المسلمين، وظنه المسلمون كامل قوات الصليبيين الموجودة في المنطقة، فبدؤوا القتال وأملوا النصر واقتربوا منه، لكن فجأة ظهر جيشان صليبيان آخران، والتحما في المعركة فقلبا مجريات الأمور، وانهزم المسلمون وخسروا المعركة، وهرب قلج أرسلان تاركًا وراءه الكثير من الغنائم للصلبيين، وبعد هذه المعركة توقف عن قتالهم المباشر، واستمر بالانسحاب وإخلاء المدن في المنطقة، فاكتسحها الصليبيون، محتلين أراض ضخمة وضموها للإمبراطورية البيزنطية. سار الصليبيون بعد هذه المعركة باتجاه الشام، فاستغرقت رحلتهم أربعة شهور عبر الأناضول ثم قرب الشام، عانوا خلالها من الحرارة والجوع وقلة المؤن، وعندما وصلوا أخيرًا إلى أرض الشام غزوا مدينة قونية وملكوها، والتي جعل السلاجقة منها عاصمة جديدة لهم بعد سقوط نيقية، ثم احتلوا هرقلة، واتجهوا إلى أنطاكية التي أصبحت هدفهم الجديد، وملكوا في طريقهم قيصرية وطرسوس وأضنة، وذلك بمساعدة ومساندة الأرمن المسيحيين في هذه المدن الذين رحبوا بقدوم الصليبيين، وهزموا عدة جيوش صغيرة للسلاجقة، واجتاحوا الرها أيضًا وأسسوا فيها إمارتهم الأولى، وهاجم قائد صليبي أثناء المسيرة مدينة سميساط وطرد منها الحامية السلجوقية بمساعدة سكانها الأرمن، لكن سرعان ما عادت الحامية وباغتتهم فقتلت من الأرمن زهاء الألف رجل وبعض فرسان الصليبيين. وصل الجيش الصليبي إلى أنطاكية بعد مسيرة أربعة شهور، فحاصرها لكنها كانت منيعة وذات أسوار عالية فطال حصارها، وصمدت، مما تسبب بانخفاض معنويات الصليبيين وحماسهم، لكن القساوسة المسيحيين نجحوا برفع معنويات الجنود من جديد، ومع استمرار إمدادات الصليبيين ومؤنهم فقد أطالوا الحصار وأنهكوا المدينة، وفي النهاية استطاعوا اقتحامها عام 491 هـ ونهبوها وخربوها وقتلوا الكثير من أهلها. وبذلك سقطت أنطاكية، إحدى أقوى مدن المشرق في أيدي الصليبيين. وحاول المسلمون حصار أنطاكية واستعادتها لكنهم فشلوا، وسرعان ما سقطت القدس أيضًا، فأسس الصليبيون بهذا ثلاث إمارات ومملكة واحدة في الشرق، وهي: إمارة الرها وأنطاكية وطرابلس إضافة إلى مملكة بيت المقدس. نيقية مدينة إغريقية قديمة، تقع على ساحل الأناضول الغربي، عند بحر مرمرة، وسميت حديثا إزنيق، واشتهرت بأهميتها في تاريخ المسيحية؛ لانعقاد مجمع نيقية فيها، والذي تنسب إليه معظم العقائد المسيحية مثل قانون الإيمان النيقي. كان البوثينيون أول من استوطن المدينة، وسموها أنكور أو هيليكور، ودمرها الميسينيون فأعاد المقدونيون بناءها وسماها أحد جنرالاتهم أنتيغونيا على اسمه غير أنها تغيرت إلى نيقية نسبة إلى نايكي إلهة النصر المزعوم لدى الإغريق. اشتهرت نيقية كإحدى المدن البيزنطية الهامة، وصمدت عدة قرون أمام محاولات السلاجقة ضمها حتى سنة 1078م، وأصبحت نيقية مركز إمبراطورية نيقية التي أسسها أباطرة القسطنطينية بعد سقوط عاصمتهم بيد الصليبيين خلال الحملة الصليبية الرابعة. في عام 1331، فتح أورخان الأول المدينة وضمها إلى الدولة العثمانية ودمرت العديد من مبانيها العامة، واستخدم العثمانيون المواد في إقامة مساجدهم وغيرها من الصروح، ومع سقوط القسطنطينية في عام 1453، فقدت المدينة قدرا كبيرا من أهميتها، لكنها أصبحت فيما بعد مركزا رئيسيا مع إنشاء صناعة الفخار المحلية في القرن السابع عشر. السلاجقة ينتمي السلاجقة إلى قبيلة قنق إحدى العشائر المتزعمة لقبائل الغز أو الأوغوز، ودخلت هذه العشيرة الإسلام أثناء عهد زعيمها ومؤسِّس السلالة سَلْجُوق بن دُقَاق سنة 960م. دخلوا بعدها في خدمة القراخانات حُكَّام بلاد ما وراء النهر، وحازوا نفوذًا عاليًا في دولتهم الدولة السلجوقية الدولة السَلْجُوقيَّة أو دولة بني سَلْجُوق، هي واحدة من الدول الكبرى في تاريخ الإسلام وإقليم وسط آسيا، لعبت دورًا كبيرًا في تاريخ الدولة العباسية، والحروب الصليبية، والصِّراع الإسلامي البيزنطي. وينتمي السلاجقة إلى قبيلة قنق التي تنتمي بدورها إلى مجموعة أتراك. ظهرت الدولة السَلْجُوقيَّة عندما قاد طغرل بك حفيد سَلْجُوق حربًا مع الدولة الغزنوية في إقليم خراسان الكبرى، تمكَّن على إثرها من انتزاع مدينتي مرو ونيسابور في عام 1037م (429 هـ). انتصر طغرل بك في العام ذاته بمعركته الكبرى مع الغزنويين، في معركة داندقان، التي كسرت شوكة دولة الغزنويِّين وأدَّت إلى الظهور الحقيقي للدولة السَلْجُوقية. حكمت الدولة السَلْجُوقيَّة في أوج ازدهارها كافَّة إيران وأفغانستان ووسط آسيا وُصولًا إلى كاشغر في الشرق، فضلًا عن العراق والشام والأناضول غربًا وُصولًا إلى مشارف القسطنطينية. وقامت الدولة منذ عام 1037م (429 هـ) عندما دخل مؤسِّسها طغرل بك مدينة مرو في وسط آسيا، وحتى عام 1157م (552 هـ، عندما قتل السلطان أحمد سنجر، الذي تفكَّكت الدولة بعده إلى ولايات منفصلةٍ حكمت أجزاءً مختلفة من وسط وغربي آسيا. واستأنف طغرل تقدُّمه نحو الغرب بعد أن أمَّن خراسان فخاض حربًا مع الدولة البويهية في إيران والعراق، واستغلَّ فرصة استنجاد الخليفة العباسي القائم بأمر الله به ليسير نحو بغداد وينتزعها، وقضى بذلك على الدولة البويهية في سنة 1055 م (447هـ). ورث ألب أرسلان مقاليد الحكم بعد موت عمه طغرل، فتوسعت الدَّولة في عهده، وخاض حربًا جديدة مع الإمبراطورية البيزنطية، انتزعَ منها جورجيا وأرمينيا ومُعظم الأناضول في أعقاب انتصاره السَّاحق عليها بمعركة ملاذكرد سنة 1071م (463 هـ). وتمكَّن من مدِّ مساحة الدولة إلى سواحل بحر إيجة. توفي ألب أرسلان بعد معاركه مع البيزنطيين بسنواتٍ قليلة، فتولَّى الحكم ابنه ملك شاه، الذي وَسَّع الدولة بفتح أجزاءٍ من بلاد الشام بما فيها مدينة القدس. وبوفاة السُّلطان ملك شاه انتهى عصر النفوذ العسكريِّ السَلْجُوقي، وبدأت الدولة بالانحدار والضعف تدريجيًا. وظهرت في أواخر عهده جماعة الحشاشين التي سبَّبت اضطراباتٍ كبيرة في شمال إيران، وبدأت في السنوات اللاحقة الحروب الصليبية التي خسرها السلاطنة السَلْجُوقيُّون بعد عدَّة معارك تكبَّدوا فيها هزائم شديدة، وخسروا للصليبيِّين أجزاءً واسعة من دولتهم بما فيها الكثير من مدن الأناضول وبلاد الشام. انتهت دولة السَّلاجقة العظام في سنة 1153م (548 هـ)، عندما ثار الأتراك الأوغوز على السلطان السَلْجُوقي أحمد سنجر وزجُّوا به في السِّجن. وتفكَّكت الدولة وانهارت بعد ذلك، إلا أنَّ فروعًا مختلفة من سلالة السلاجقة تمكَّنت من البقاء بعدها وحكمت أجزاءً كبيرة من البلاد الإسلامية، ومن أبرزهم سلاجقة الروم في الأناضول وسلاجقة كرمان في فارس وسلاجقة العراق وسلاجقة دمشق وحلب في الشام.
مشاركة :