تعد العلاقة الزوجية إحدى أرقى وأطهر العلاقات، وقد شرعها الله للذكر والأنثى، كي يشبع كلاهما تلك الرغبة الفطرية لكل الكائنات الحية والتي تعد عماد استمرار البشرية، ولعل العلاقة الجنسية بين الأزواج أحد أهم عناصر العلاقة الزوجية، وهذه العلاقة بحساسيتها الشديدة بحاجة إلى تأهيل كل من الزوجين والوصول بهما إلى معرفة تامة بجوانبها، ومن هنا ظهر مصطلح الثقافة الجنسية. وكان للخليج الطبي لقاء مع الدكتورة إلهام عطا الله استشارية طب العائلة واختصاصية الطب الجنسي بمركز هاي كير الطبي، لتوضح المزيد عن الثقافة الجنسية الزوجية. ما تأثير غياب الثقافة الجنسية على الأزواج؟ غياب الثقافة الجنسية من العوامل المهمة لنشأة مشاكل وتطورها في العلاقة الجنسية بين الأزواج، وبالأخص في مجتمعاتنا لأنه يفتح المجال للمعلومات المغلوطة المجهولة المصدر. وهنا تكمن المشكلة، فالإنسان يتشكل بما يعتقده، فعندما يبدأ بممارسة العلاقة الجنسية ويواجه عكس ما يعتقد تبدأ المشكلة بإحساسه بالفشل لأنه لم يصل إلى التوقعات التي تشكلت في وعيه ووجدانه بالمعلومات التي كانت تغذيه، إما عن طريق الأصدقاء وإما عن طريق التواصل الاجتماعي أو النت والبعض يكون مصدرهم الأهل بسبب ندرة المعلومات الجنسية. وهنا أشدد على أهمية أن نستقي المعلومات الصحيحة التي تناسب قيمنا وديننا وما نؤمن به وفي نفس الوقت تكون علمية غير مغلوطة. فمع تزايد المشاكل الزوجية وحالات الطلاق شعرت بالمسؤولية وضرورة العمل على تصحيح الكثير من المعلومات وإرساء الثقافة الجنسية فقمت بتقديم عدة ورش عمل ومحاضرات للعامة والأطباء بالإضافة إلى إنشاء حساب على الانستجرام أعتبره مرجعا للأزواج للاستفادة منه لتصحيح المعلومات المغلوطة المتوارثة جيلا بعد جيل. فهناك أمثلة على أن غياب الثقافة الجنسية يمكن أن تسبب مشاكل في الأداء الجنسي، فكم رجل حضر إلى العيادة يشعر بالضيق لأنه يعاني من مشكلة القذف المبكر، وبعد الكشف وأخذ التاريخ المرضي من الزوج اكتشف أنه سليم وكل ما يعاني منه بناء على معلومات مغلوطة وصلت إليه عن طريق مشاهدة أفلام إباحية أو مقارنة الأداء بما يراه من أفلام معينة أو يسمع به من أصدقائه. وكم امرأة حضرت إلى العيادة تشتكي من عدم إتمام العلاقة الجنسية والخوف الشديد من فضّ غشاء البكارة بسبب معلومات مغلوطة وصلت إليها قبل الزواج عن ألم أول علاقة جنسية، وكم من سيدة حضرت إلي وهي في منتهى الحزن لأنها لا تستطيع أن تصل إلى النشوة عن طريق الإيلاج، لأنها تتخيل أن جميع النساء يصلن إلى النشوة بالإيلاج، فلذلك هي تشعر أنها غير طبيعية ولديها مشكلة. - هل هناك فحوصات معينة يجب القيام بها قبل الزواج؟ هناك فحوصات إلزامية للمقبلين على الزواج وهي شرط لعقد القران، وهذه الفحوص بالأساس تستهدف الكشف عن أمراض الدم الوراثية والأمراض المعدية التي قد تنتقل بالاتصال الجنسي، وأمراض الالتهاب الكبدي الوبائي، ولكن لا يوجد فحوصات تكشف قدرة الزوجين على الإنجاب أو فحوصات تتعلق بالأداء الجنسي. -متى يلجأ الزوجان إلى الطبيب لتفادي تطور المشاكل في العلاقة الجنسية؟ أغلب الأزواج يعانون لسنوات قبل أن يقرروا استشارة المختص، ويرجع ذلك إلى عدة أسباب، منها أن البعض يشعر بحرج من مناقشة الأمور الجنسية، والبعض يعتقد انه لا يوجد علاج لمشاكل الأداء الجنسي، والبعض الآخر يجهل أن هناك مشكلة من الأساس ويمكن حلها، ولكن أنصح الزوجين بمراجعة مختص إذا طرأت أي مشكلة على أدائهما الجنسي وتكررت واستمرت عدة أشهر، فهنا يجب ألا ننتظر فترة طويلة لأنه مع الوقت تؤثر المشكلة الجنسية على نفسية الزوجين وتلقي بظلالها على الجوانب الأخرى في علاقتهما الزوجية، مثل الشعور بالنفور واللوم والغضب ويتطور الموضوع إلى إحساسهما بالتوتر والقلق والاكتئاب. فلا داعي للتأخير ومراكمة المشكلة الجنسية، فمن الأفضل معالجة المشكلة والانتباه لها منذ بدايتها لمصلحة الزوجين. وأنوه إلى أن هناك أزواجا يأتون إلى العيادة بعد عقد القران مباشرة للاستفسار ولتوضيح معلومات ومناقشة مخاوف معينة منذ البداية، وينطبق عليهم مثل الوقاية خير من العلاج. -ما هي مقومات العلاقة الجنسية الناجحة لحياة زوجية سعيدة؟ مصطلحا النجاح والسعادة مصطلحان نسبيان يختلفان من شخص إلى آخر، ولكن أحب أن أذكر الأساسيات التي لا بد من وجودها في كل علاقة جنسية، أولا: الإقرار وثقافة الموافقة: يجب أن يعي الجميع أن في العلاقة الجنسية ينبغي أن يكون كل طرف مقرا وموافقا على تفاصيل العلاقة وعلى طرق الإثارة، وألا يكون هناك إجبار للطرف الثاني على سلوك أو ممارسة معينة هو غير راض عنها. ثانيا: يجب على الطرفين تقدير تجربتهما وقالبهما ونمطهما الجنسي وممنوع مقارنة تجربتهما بتجارب الآخرين. ثالثا: التسلح بالثقافة الجنسية التي لها دور أساسي في شعور الزوجين بالرضا والراحة أثناء علاقتهما الجنسية. وأخيرا يجب أن تكون حياتهما الجنسية وأداؤهما الجنسي موضوعا قابلا للنقاش والتعبير عن رغبات وحاجات كل طرف، لأن هناك دراسات عن حالات كثيرة ليس لديهم حرية تعبير كافية في علاقتهم الجنسية، فخلق ذلك المزيد من المشاكل، فعلى الزوجين مناقشة أمورهما بينهما ويفكران في كيفية كسر الروتين لتجديد الحياة في العلاقة.
مشاركة :