الحرب يشعل فتيلها الجهلاء.. ويكتوي بنارها العقلاء | محمد بشير كردي

  • 11/27/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

شرارة من لهب نيران الفوضى الخلاّقة التي أُضرمت في العديد من الدول العربيَّة مخلَّفة الخراب والدمار ومهجِّرة الملايين من ديارهم إلى مستقبل مجهول، اجتازت حدود العالم العربي لتحطَّ رحلها في باريس بثلَّةٍ يسمُّون أنفسهم جنود الدولة الإسلاميَّة؛ والإسلام منهم براء. أما وقد أناخت ركبها في باريس مساء يوم الجمعة؛ الثالث عشر من نوفمبر الجاري بقذف عدد من القنابل والأحزمة الناسفة في أماكن مزدحمة مخلِّفة عشرات القتلى ومئات الجرحى من الأبرياء، وناشرة الخوف والرعب في أرجاء فرنسا كافَّة، وبهذا فتحت الباب على مصراعيه لفتنة دينيَّةٍ وعنصرية في فرنسا لا تبقي ولا تذر بين الجالية المسلمة غالبيَّتها من أصول مغاربية، كان بعض آبائهم وأجدادهم قد شارك في الحربين العالميِّتينِ إلى جانب القوَّات الفرنسية. مما أهَّل ذويهم لاكتساب الجنسية الفرنسيَّة؛ متمتِّعين بمزايا الدستور الفرنسي الذي صدر في عهد ديغول، وأعطى حقوقًا متساوية لكلِّ من يحمل الجنسيَّة الفرنسيَّة بغضِّ النظر عن أصله ومعتقده. ومنذ عهد ليس بالقصير انضمَّت إليهم أقلِّيَّة من مهاجرين عرب سوريِّين؛ منهم المسلم والمسيحي، قصدوا أوروبا كلاجئين بعد أن ضاقت بهم سبل العيش في بلدهم. في الرحلة إلى المجهول، كانت غالبيَّة المهاجرين السورييِّن تأمل وقفة الدول الغربيَّة إلى جانبهم، وهم يقاومون طغيان حاكم دمشق. ومن يدري كيف سيكون حال هؤلاء إذا ما عمَّت هذه الفتنة بقيَّة الدول الأوروبيَّة، التي يكوِّن المسلمون في معظمها شريحة ليست بالصغيرة من المواطنين، إضافة إلى عشرات الألوف من المهاجرين السوريِّين لم يتمتَّعوا بعد بمزايا الحياة في تلك البلدان التي تحفظ للإنسان حقوقه ما دام ملتزمًا بآداب الإقامة والضيافة. فبين ردود أفعال أهل البلد الأصليِّين، وردود الفعل من المسلمين الذين اكتسبوا جنسيَّة بلدان أوروبيَّة، إذا ما تعرضت بيوت الله التي تُوفِّر لهم أداء واجباتهم الدينية إلى الاعتداء أو الإغلاق، يظل المتابع قلقًا على ما ستؤول إليه الأوضاع. الحملة العدائيَّة التي بدأت تتصدَّر واجهات الإعلام في فرنسا، وبعض الدول الأوروبيَّة، لقيت مَن يُؤجِّج لهيبها، ممَّن عُرفوا بعدائهم للإسلام، منذ عهد النبوة إلى يومنا هذا، فهؤلاء باقون على الخداع وزرع بذور الفتنة بين المسلمين والمسيحيين. في وضع كهذا وأوروبا على وشك التضييق على المسلمين الذين يعيشون على أراضيها، لا بدُّ للحكومات الإسلامية من وقفة شجاعة تجاه الفئات الضالة والمضلَّلة في بلدانها الإسلامية لاجتثاث الاٍرهاب مهما كانت التضحيات، والعمل على تهدئة مسلمي أوروبا والطلب منهم ضبط النفس والتمسُّك بآداب الإسلام وأخلاقياته، والتقيُّد بما تقتضيه المواطنة والإقامة من حقوق وواجبات. وحقًّا قِيل: الحرب يُشعل فتيلها الجهلاء.. ويكتوي بنارها العقلاء.

مشاركة :