لم يعد خروج رئيس أي نادٍ سعودي عبر الإعلام ليشتكي من ضيق ذات اليد أمراً غير مألوف، إذ باتت هذه التصاريح عادية ولاتحظى بأي آثار أو تبعات سواء على مستوى الإعلام أو حتى المستوى الرسمي، في حين لايعرف رؤساء هذه الأندية إلى أين يتجهون ومن يناشدون، في وقت تعاني فيه الرياضة السعودية من تراجع على الأصعدة كافة لأسباب عدة، من أبرزها العجز المالي. ضعف الاستراتيجيات والخطط التسويقية يقود إلى مزيد من الكوارث خذوا على سبيل المثال، رئيس الشعلة فهد الطفيل الذي خرج الأسبوع الماضي وصرح في أكثر من قناة مهدداً بالاستقالة منتصف ديسمبر الجاري مالم تصرف حقوق ناديه لدى رابطة دوري المحترفين، إذ كشف الطفيل الذي قاد ولايزال يقود ناديه بشكل جيد رغم تواضع إمكاناته، كشف عن وجود مديونيات مسجلة باسمه، إذ اضطر الرئيس الشعلاوي إلى الاقتراض بشكل شخصي من أجل الصرف على النادي، وما يحدث في الشعلة ينطبق على نجران الذي باتت تصاريح رئيسه تملأ الفضاء بعد كل مباراة، والأمر ذاته شاهدناه مع رؤساء الرائد والفيصلي والتعاون والاتفاق. في الأسبوع الماضي تحدث رئيس الطائي خالد الباتع بمرارة عبر حديث متلفز تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي ووصف بالحديث الجريء، لكنه أيضاً لم يحرك ساكناً في اتحاد الكرة أو رابطة دوري "ركاء" أوحتى الرئاسة العامة لرعاية الشباب التي طالتها انتقادات الباتع اللاذعة، وأيضاً تحدث رئيس أحد سعود الحربي عن أوضاع ناديه المالية وعدم قدرته على الايفاء بالتزاماته في ظل اقتصار مداخيله على ثلاثة ملايين ريال بحسب حديثه مقابل مصروفات تزيد على الستة ملايين ريال. لقد بات واضحاً أن الأزمات المالية تعصف بالأندية، وأن الأندية السعودية تقف على حافة الإفلاس، فالديون تحاصر كل أندية دوري (عبداللطيف جميل) ودوري "ركاء"، فضلاً عن أندية الظل ولم يشهد الشارع الرياضي حتى الآن أي تدخلاً أو محاولة من قبل اتحاد الكرة والرابطتين، أو حتى الرئاسة من أجل دعم الأندية وإنقاذها، فمعظم الفرق السعودية لن تستطيع التسجيل في فترة الانتقالات الشتوية بسبب تراكم ديونها التي جاءت كنتيجة طبيعية لانخفاض المداخيل أمام تزايد المصروفات وتضخم أسعار اللاعبين، وأيضاً سوء تصريف المال في بعض الأندية. الحديث هنا عن أندية محدودة الإمكانات ويمكن حلها بمبالغ بسيطة، لكن ماذا عن الأزمة المالية التي يعيشها الاتحاد مثلاً؟؟ ربما لايعلم المتابعون أن رئيس الاتحاد المؤقت عادل جمجوم هو سابع الأسماء التي تتسلم زمام الأمور في النادي العريق خلال ست سنوات، بعد جمال أبوعمارة وخالد المرزوقي وابراهيم علوان ومحمد بن داخل وأيمن نصيف ومحمد فايز، وهذه الأسماء جلها رحلت بسبب الأزمات المالية، رغم تمتع الاتحاد بعقد رعاية ودعم شرفي جيد في عهد أبوعمارة والمرزوقي وعلوان وابن داخل ونصيف بالإضافة إلى بعض المشاكل والصراعات الداخيلة وعدم وجود دعم لهذه الإدارات من قبل الرئاسة في وجه تلك التيارات، حتى تضخمت هذه المشاكل وبات النادي الثمانيني يعيش وضعاً لايحسد عليه، إذ وصل الأمر لانسحاب بعض فرقه وعدم قدرتها على اللعب في المشاركات الداخلية، مثلما حدث لفريق "البراعم" الذي انسحب أمام الأهلي وتنازل عن بطولة بسبب الانهيار والافلاس المالي الذي يحاصر النادي. الأزمات المالية أضحت أيضاً شبحاً مرعباً يهدد مسيرة أندية كبيرة مثل النصر والشباب والأهلي، فهذه الأندية التي تعتمد على مصادر دعم مالي وقتية ستواجه الأزمة ذاتها قريباً بسبب عجزها عن توفير رعاة يشكلون رافداً مالياً مهماً للنادي، وهذا يكشف عن خلل في الاستراتيجيات التسويقية في هذه الأندية وعجز مسؤوليها عن تسويق أنديتهم أمام الشركات الراعية، وهو أمر أيضاً تتحمله الرئاسة العامة لرعاية الشباب التي كان منتظراً منها الوقوف مع هذه الأندية عبر لجنة الاستثمار في الرئاسة التي كان بإمكانها وضع رؤية استراتيجية وآليات للعمل على تسويق الأندية التي تعد منتجات مميزة يمكن استغلالها من قبل الشركات المعلنة، لكن وجود هذه اللجنة لم يتعد كونه شكلياً بعد أن كان منتظراً منها مساعدة الأندية على الحصول على عقود رعاية يدفع بمسيرة الأندية للأمام، إذ لم نسمع يوماً أن فريقاً متخصصاً في الرئاسة دعا الأندية إلى حضور ورشة عمل أو اجتماع لمسؤولي الاستثمار في الأندية من أجل بحث طرق تسويقها أمام العدد الضخم من الشركات في المملكة. الأزمات المالية باتت تطحن الأندية السعودية بسبب ضعف المداخيل وعدم وجود محاولات لإنعاش سوق الاستثمار الرياضي، يقابله أيضاً سوء تصرف بالأموال في عدد من الأندية وهو مافاقم المشكلة وزادها تعقيداً، إذ بات من الضروري جداً تدخل الدولة عبر الرئاسة العامة لرعاية الشباب لإنقاذ هذه الأندية من خلال توفير الدعم المالي لها وحل مشكلاتها المعقدة، ومن ثم دعوة الشركات للمساهمة والاستثمار في المجال الرياضي، وتحركات مثل هذه لن ترى النور مادامت الرئاسة بعيدة كل البعد عما يدور في الأندية ولاتسمع لأصوات مسؤولي الأندية، وهو ماينذر بتفاقم هذه الأزمات والوصول إلى مرحلة الإفلاس التي ستقضي على آخر ماتبقى من آمال لعودة الرياضة السعودية، فالرئاسة أصبحت مطالبة بالنزول إلى هذه الأندية وأن تقترب أكثر من الأندية وأن تتلمس هذه المشاكل وتتعرف عليها وأن تضع الحلول التي من شأنها إنقاذ مايمكن إنقاذه.
مشاركة :