عمقت الأزمة الأوكرانية من معاناة شريحة واسعة من العراقيين، حيث بلغت أسعار المواد الغذائية ارتفاعا كبيرا في بلد يواجه نسبتي فقر وبطالة عاليتين. وخرج المئات من العراقيين الأربعاء في العاصمة بغداد ومدينة الناصرية في جنوب البلاد احتجاجا على ارتفاع الأسعار. وقال المتظاهر حسن كاظم، وهو معلم متقاعد ورب أسرة من سبعة أفراد، “نواجه مشكلة خانقة بسبب ارتفاع أسعار الخبز والمواد الغذائية”، مضيفا “بالكاد نتدبر أمورنا”. وصرّح متظاهر آخر في الناصرية يدعى محمد حسن، وهو مدرس ورب عائلة من خمسة أفراد، بأن “الأزمة تتفاقم بسرعة (…) مع تزايد جشع التجار في التلاعب بأسعار المواد الأساسية المتعلقة بحياة المواطنين“. محافظة بابل في وسط العراق شهدت تظاهرة احتجاجا على ارتفاع الأسعار، تخللتها أعمال عنف أدت إلى وفاة ناشط إثر إصابته بجروح خطيرة وشهد العراق خلال الأسبوع الأخير ارتفاعا ملحوظا في أسعار المواد الغذائية الرئيسية، لاسيما الطحين والزيت، وباتت المسألة محور النقاش العام في الآونة الأخيرة في بلد غني بالنفط، شهد في أكتوبر 2019 تظاهرات حاشدة ضد الفساد والبطالة وتردي الوضع الاقتصادي وتدهور البنى التحتية. ومنذ صباح الأربعاء تجمّع أكثر من خمسمئة محتج في ساحة الحبوبي، حيث لا تزال ترتفع صور شباب قضوا خلال قمع تظاهرات أكتوبر، كما ضمت ساحة التحرير وسط بغداد العشرات من المتظاهرين الذين رفعوا لافتات كتب عليها “ثورة جياع”. ويخشى المسؤولون من أن تفجر أزمة الأسعار موجة اضطرابات جديدة في البلاد. ووجه رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، خلال ترؤسه اجتماعا للمجلس الوزاري للأمن الوطني في وقت لاحق الأربعاء، بتأمين المواد الغذائية التي تشهد شحا في الأسواق المحلية. وطالب الكاظمي الأجهزة الأمنية المعنية بـ”ملاحقة كلّ من تسوّل له نفسه الانتفاع سلبا على حساب المواطن، والمتاجرة غير القانونية بسلّة غذاء المواطنين، ومحاسبته وفق القانون”. وكانت الحكومة أقرت في جلستها الثلاثاء جملة من الإجراءات للحدّ من الأزمة، في بلد تبلغ فيه نسبة البطالة بين الشباب 40 في المئة، وثلث سكانه البالغ عددهم أكثر من 40 مليون نسمة يعانون من الفقر. ومن أبرز هذه الإجراءات، دعم رواتب شريحة واسعة من العراقيين، من بينهم المتقاعدون ممن يتقاضون راتبا أقل من مليون دينار شهريا (681 دولارا)، والموظفون ممن يتقاضون راتبا أقل من 500 ألف دينار شهريا (341 دولارا)، بمبلغ مئة ألف دينار (حوالي 70 دولارا) شهريا. ومن الإجراءات المتخذة أيضا “تصفير الرسم الجمركي على البضائع الأساسية من مواد غذائية ومواد بناء ومواد استهلاكية ضرورية لمدة شهرين، وإعادة النظر في القرار بعد معاينة الأزمة”. إقرأ أيضا أعلى هيئة قضائية في العراق ترفض دعوى ضد الكاظمي وقال المتحدّث باسم وزارة التجارة العراقية محمد حنون إن أكثر المواد الغذائية التي تأثرت بالأزمة هي “أولا زيت الطعام، لأن هناك أزمة كبيرة في العالم لكون أوكرانيا لديها ثقل كبير في موضوع الزيوت وأيضا الحنطة”. وبحسب حنون، أثّرت الأزمة كذلك على “إنتاج القطاع الزراعي، لأن السماد الكيمياوي المستخدم في الزراعة أغلبه أوكراني”. وكانت محافظة بابل في وسط العراق شهدت الثلاثاء تظاهرة هي الأخرى احتجاجا على ارتفاع الأسعار، تخللتها أعمال عنف أدت إلى وفاة ناشط يدعى ضرغام ماجد الأربعاء، على خلفية إصابته بجروح خطيرة نتيجة تعرضه للضرب من قبل حراس أحد نواب البرلمان. وتواجه دول عديدة في العالم العربي، لاسيما مصر ولبنان واليمن وتونس، صعوبة في توفير الخبز على طاولة الطعام كون روسيا وأوكرانيا أهم موردي القمح إليها. ويُخشى من انعكاسات استمرار الصراع الروسي - الأوكراني، الأمر الذي يهدد الأمن الغذائي للعديد من الدول، وقد يقود إلى اضطرابات اجتماعية.
مشاركة :