جميعنا يتطلع لأن تضحك له الدنيا وتعلو الابتسامة وجوه المحيطين به. وليس هذا الأمر، مجرد أمل وطموح بقدر ما هو طبيعة بشرية، تدفع بني البشر إلى الشعور بالارتياح والطمأنينة ، بل وتمنحه الأمل في غد أفضل.. كل ذلك بمجرد ابتسامة، لكن السؤال: من أين نبدأ؟ ما نطرحه في هذا المقال، ليس مجرد دعوة نظرية للابتسام، وإنما محاولة لتوفير أساس هذه البسمة وكيف نزرعها في أبنائنا لتكون بالنسبة لهم ، سلوك حياة ونمط تعامل مع كل ما يواجهونه. فكما قال الفيلسوف الفرنسي فولتير فإن الابتسامة « تذيب الجليد، تنشر الارتياح، تضمد الجراح، وهي مفتاح العلاقات الإنسانية الصافية» . ولأن الوجه المبتسم يبعث في المحيطين به الراحة والطمأنينة والسعادة، فإننا نعتقد أن هذا الوجه المفعم بالأمل، لابد له من فكر إيجابي يغذيه .. فكر يقود إلى إحساس ناضج.. يكون الطريق إلى تعبير مبتسم. وصحيح أن الله تعالى منحنا نعمة التفكير والتأمل في الكون، لكن المهم هو البحث عن الأمور الإيجابية في الحياة والبناء عليها، وفي الوقت ذاته طرد الأفكار السلبية التي لا موقع لها إلا في النفوس المتشائمة. العالم الفرنسي «بيير فاشيه» توصل في أبحاثه إلى أن الابتسامة «توسع الشرايين والأوردة، وتنشط الدورة الدموية، وتعمق التنفس، وتحمل الأكسجين إلى أبعد أطراف الجسم» زد على ذلك أنها تزيد من نشاط الذهن والتعمق الفكري. نعم .. مجرد ابتسامة .. تفعل فينا كل ذلك. لكنها بالطبع ليست فقط حركة في عضلات الوجه، وإنما يجب أن تنطلق من مخزون نفسي صالح، من روح إيجابية طيبة، وكما قال الشاعر اللبناني الكبير إيليا أبو ماضي في قصيدته فلسفة الحياة «والذي نفسه بغير جمال.. لا يرى في الوجود شيئا جميلا» . لذلك ينبغي على كل منا أن يغرس هذه الروح الإيجابية في أبنائه، يعودهم على النفوس الطيبة التي لا تعرف سوى الحب والأمل، تتخذ من الأفكار الإيجابية منهجا وسبيلا وتنبذ كل ما هو سلبي. صحيح أن في حياتنا وأعمالنا هموما ومشاغل كثيرة، قد لا نقوى أحيانا على منع انعكاساتها من الظهور على وجوهنا، لكن التحدي الأهم هو نشر الابتسامة والأمل في المحيطين بنا، وتعويد أبنائنا على هذه الروح وإبعادهم عن الأفكار التشاؤمية لأنهم كزرع نزرعه في الأرض ، فينمو أمامنا وتجده في كل يوم يتبدل حجما ولونا وزهورا، فينتابك شعور بأنه يبتسم لك لأنك ساعدته على الحياة ووفرت له سبل النمو. ابتسموا أعزائي .. تجدون الحياة أفضل. لن تكلفكم الابتسامة شيئا ولن تدفعوا لها مالا، وثقوا أن الأحزان لم يجنِ منها أربابها إلا المرض والتشاؤم، فيما البسمة تفتح طريق الحب والأمل والمستقبل.
مشاركة :