إيهاب سعيد يكتب لـ"بوابة الأهرام" .. الاقتصاد المصرى.. والعودة للمسار الصحيح

  • 11/30/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

خبر إعادة تشكيل المجلس التنسيقى للبنك المركزى المصري بمشاركة كل من الخبير الاقتصادى العالمى دكتور محمد العريان والدكتور فاروق العقده، بالتأكيد أمر يدعو للتفاؤل، نظرا للخبرات الكبيره التى يتمتع بها كلا الرجلين، وإن جاز لنا ان نقيم تلك الاختيارات، لاعتبرناها خطوة على الطريق الصحيح، شريطة أن تكون جاده، وفاعله، وألا يكون مجرد مجلس شكلي على غرار الكثير من المجالس واللجان التى شكلت دون وجود أى دور حقيقي لها. وكونها مجرد خطوه على الطريق، فحتما هناك خطوات أخرى لا تقل أهميه، لاسيما وأنه مهما بلغت كفاءة الأعضاء الجدد بهذا المجلس، أو حتى محافظ المركزى نفسه، فهم وحدهم غير قادرين على حل أزمات الاقتصاد المصري، فكما بدأنا بالاعتماد على المحترفين وذوى الخبرات بالمجلس التنسيقى، يجب أيضا الاعتماد على المحترفين وذوى الخبره فى الحكومه، خاصة وأن المجموعه الاقتصاديه، بإستثناء وزير التجارة والصناعه الجديد، ومع كامل إحترامنا لهم كشخصيات وطنيه مخلصه، فهم لا يملكوا الجرآه على إتخاذ القرار، ولا يحملوا أى أفكار استثنائيه تمكنهم من التغلب على الظروف الحاليه. فإذا عدنا بالذاكره لعام 2010، أى قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير، لمراجعة إرقام الاقتصاد المصري بعيدا عن أى تحيزات سياسيه من أى نوع، سنجد أن معدلات نمو الاقتصاد المصري كانت تتراوح حول 5 - 7 % سنويا، الدين العام كان يتراوح حول 800 مليار جنيه، أى قرابة 65 - 70% من إجمالى الناتح المحلى، عجز الموازنه كان فى حدود 98 مليار جنيه، ارتفاع ملحوظ فى وتيرة الإصلاحات الاقتصادية لجذب الاستثمارات الأجنبية وتسهيل نمو الناتج المحلي الإجمالي. وعلى صعيد قطاع السياحه، فقد وصلنا إلى المركز 18 بين أكثر الدول جاذبيه، أي دخلنا ضمن نادي 20 الكبار، بمعدل نمو قارب على 940% فى 7 سنوات، نظرا لحجم التطور الهائل فى البنيه التحتيه، من مطارات وطرق، وسياحة شواطىء، لتقفز عائدات السياحه خلال عام 2010 إلى 12.5 مليار دولار. أما الاستثمارات المباشره فقد وصلت فى عام 2008 إلى 13.5 مليار دولار، قبل أن تتراجع مؤقتا إلى 7 مليار دولار فى أعقاب الأزمه الماليه العالميه. أما بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، فقد تراجعت معدلات النمو بشكل كبير، واضحت اعلى الأرقام المستهدفه لا تتعدى 4 - 5 %، أما الدين العام فقد تخطى 2 تريليون جنيه ليتجاوز اجمالى الناتج المحلى لأول مره، وهو ما يعنى صعوبه الاستمرار فى سياسة الاقتراض الحكومى خلال المرحله القادمه لسد عجز الموازنه المتفاقم والمرشح لملامسة 300 مليار جنيه، والذى يرجع بشكل أساسى للتوسع فى الإنفاق الاجتماعى فى ظل تراجع الموارد. أما السياحه، فحدث ولا حرج، كما شهدت أيضا الاستثمارات الاجنبيه تراجعا مأساويا لتصل إلى قرابة 500 مليون دولار فقط فى أعقاب الثوره، ناهيك عن الاحتياطى النقدى الذى كان يقارب 36 مليار دولار بخلاف وديعة الخليج، كل هذا تأكل، بل وتحول إلى السالب لأول مره فى التاريخ بحساب القروض والودائع الخليجيه. ونحن نعلم تماما أن هناك الكثير من الأمور الخارجه عن إرادة الحكومات المتعاقبه لثورة الخامس والعشرين من يناير بسبب الأوضاع السياسيه، ولكن، هذا لا يعفيهم بشكل كامل من المسؤوليه، فهناك العديد من الدول تعانى أوضاعاً مضطربه ولكنها تملك من الأفكار والخيارات ما يمكنها من التغلب على هذه الأزمات. وحتى نكون منصفين، فالثقه والقوة التى كانت تستمدها حكومة ما قبل الثوره من القياده السياسيه، كانت تدعمها إلى حد كبير على الإنجاز والتحرك بحريه فى الكثير من الملفات دون خوف أو رهبه قبل ظهور آفة العصر الأيادى المرتعشه، أما الحكومات التى أعقبت الثورة ومنها حكومة المهندس شريف اسماعيل، فهى لأزالت تتصف كمن سبقها بالأيادى المرتعشه، رغم الدعم الهائل من القياده السياسيه، والتى تتمتع بشعبيه تمكن أى حكومه من أحداث معجزات حقيقيه، ولكنها بكل آسف، فشلت فشلا ذريعا فى الاستفادة من تلك الميزة التى لم تتمتع بها حكومه قط على مدار تاريخ مصر المعاصر. وكونى مصرى محب لوطنى، فلا يعنينى إنتماء الكفاءات للأنظمه السياسيه بقدر قدرتهم على الإنجاز، ولذا، وكما اعتمدنا على الدكتور فاروق العقده، رغم إرتباط اسمه بنظام مبارك، فما هو المانع من الاعتماد على رجال من حكومة نظيف، سيما الذين لم تطالهم أى شبهه من أى نوع، ولا أدل على هذا من الدكتور محمود محيى الدين الذى نجح فى الوصول إلى منصب لم يسبقه اليه عربى من قبل بالبنك الدولى، فكيف نترك كفاءه بهذا القدر للبنك الدولى فى الوقت الذى يعانى فيه الاقتصاد المصري؟، أليست مصر أولى بهذا الرجل؟. والحقيقه أن هناك الكثيرين على شاكلة الدكتور محمود محيى الدين، ولكن تبقى أزمة أنتمائتهم السياسيه عاقئا أمام الاعتماد عليهم، على الرغم من الحقيقه التى يتعمد الكثيرين إغفالها، وهى أن نظام مبارك، لم يترك كفاءه فى مصر إلا وضمها للحزب الوطنى، سواء برغبته أو رغما عنه، فكيف لا، وهو النظام الذى استمر لثلاثون عاما كامله، ولم يكن أشد المتفائلين يتوقع سقوطه بهذا الشكل. أخيراً، لا أملك سوى التوجه بنداء عاجل إلى فخامة الرئيس السيسى، هناك إجراءات اقتصاديه استثنائيه يجب أن تتخذ فورا بغرض استعادة مسار الإصلاح الاقتصادى، وأهمها إعادة النظر فى الانفاق الحكومى بشكل عام، كما أناشدكم بضرورة الاستمرار فى سياسة الاستعانه بالخبراء المحترفين، مع ترك مساحه لهم للتحرك بعيداً عن بعض الاعتبارات السياسيه، فمصر ليست مقتصره على موظفى الدوله التى تسعى الحكومه لإرضائهم على حساب السواد الأعظم من الشعب المصري بدعوى تهدئة الرأى العام، فالقطاع الخاص يترنح، بسبب السياسات الخاطئه، ومعدلات البطاله ترتفع بأسرع وتيره، والمصانع تغلق أبوابها، والشركات تسرح موظفيها، والبورصة تنهار يومياً، وللأسف هذه الحكومه عاجزة عن التصرف، فلا تملك من الفكر سوى فرض المزيد من الضرائب لتضييق الخناق أكثر وأكثر على هذا القطاع الذى يمثل قرابة 16 مليون مواطن.

مشاركة :