زحلة، لبنان 21 مارس 2022 (شينخوا) لم يجد نادر مداح ، وهو طالب جامعي في العشرين من عمره، حرجا في التوجه باكرا إلى مركز طبي في مدينة زحلة بشرق لبنان ،همه سحب كمية من دمه لا لإجراء فحوصات مخبرية هذه المرة ،بل لتحضير عبوة دم يقدمها كهدية صادقة لأمه في عيدها. نادر وخلال احتضانه والدته غادة ، وهي أم لثلاثة شبان توفي زوجها منذ خمس سنوات إثر مرض عضال ، أشار لوكالة أنباء ((شينخوا)) إلى أن البطالة وتردي الوضع الاقتصادي وارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق في لبنان جعلني أنا وغيري الكثيرين نعجز عن شراء هدية لائقة لأمهاتنا بهذه المناسبة". وقال "مع الغلاء المستفحل بات من الصعب اختيار الهدايا التي تعودنا عليها في سنوات العز والبحبوحة، فثمن الوردة الواحدة مثلا تجاوز 25 الف ليرة لبنانية وزجاجات العطور مسعرة بالدولار الأمريكي بحيث بات ثمن أدنى نوع بحدود المليون ليرة، في حين يلزم ميزانية خاصة لهدايا الذهب، كما باتت الحلويات والأطباق الشهية حكرا على الطبقة الميسورة". الأمهات من جهتهن يستقبلن عيدهن هذا العام (المتلازم مع بدء فصل الربيع) بحسرة ممزوجة بالدموع بسبب الضائقة المالية التي دفعت نسبة كبيرة من ابنائهن إلى الهجرة طلبا للرزق الحلال بعدما ضاقت بهم سبل العيش جراء طردهم من أعمالهم. السيدة الخمسينية هناء الحلبي من بلدة راشيا في البقاع الغربي بشرق لبنان تمنت بهذه المناسبة أن تكون هديتها عودة أولادها الثلاثة من غربتهم على أمل أن يتمكنوا من بناء مستقبل واعد وزاهر في كنف وطنهم وعائلاتهم . وأضافت "غربة فلذات قلوبنا أفقدت عيد الأم البهجة والفرح والهدية الأعز على قلبي رؤية أولادي بجانبي ليطبعوا القبلات الحارة على وجنتيها" . وقالت لوكالة أنباء ((شينخوا)) الفتاة جيهان علام المدرسة في مدرسة خاصة تردي الوضع الاقتصادي جعل نسبة كبيرة من المواطنين و في هذه المناسبة العزيزة على قلوبهم يتخلفوا عن شراء ما اعتادوا عليه من ورود وعطور وذهب وحلوى وأبدلوها بحاجيات ضرورية للاستخدام المنزلي. وبمناسبة عيد الأم كرم "المجلس الثقافي الاجتماعي" في بلدة المحيدثة بشرق لبنان الأم المثالية روضه جمال تقديرا لجهدها الكبير على مدى 40 عاما في تربية الأجيال من خلال ممارستها التدريس في إحدى المدارس الرسمية. وخلال جولة على سوقي مرجعيون والنبطية بجنوب لبنان بدت الحركة الشرائية متواضعة برغم حرص التجار على تزيين واجهات المحال لجذب الزبائن الذين توجهوا لشراء الهدايا البخسة الثمن مما أوقع التجار بإحباط بعدما كانوا يعولون على هذه المناسبة لتحسين أوضاعهم. وفي هذا الإطار قال لـ((شينخوا)) سامر لقيس صاحب متجر هدايا متنوعة في مرجعيون إن حركة المواطنين بدت جامدة ولا تشير لمناسبة هامة كانت تعني لهم الكثير في الماضي القريب فغالبية الزبائن تفتشوا عن هدايا بأسعار لا تتجاوز 5 إلى 10 دولارات أمريكية. وأضاف "كنا نعول بهذه المناسبة على طلاب المدارس الذين كانوا يتجهوا بكثافة وعلى شكل مجموعات لشراء هدايا لأمهاتهم لكن يبدو أن الوضع الاقتصادي الكارثي في لبنان غير الأحوال وألغى الكثير من العادات" . وأمام محل لبيع الورود في مدينة النبطية وقفت الشابة رجاء حمدان لدقائق تسأل عن سعر كل نوع، محاولة التفاوض مع صاحب المحل لتخفيض السعر، وقالت لـ((شينخوا)) "في جيبي 50 ألف ليرة لبنانية فقط، وهمي أن تكفي لشراء باقة ورد صغيرة أقدمها لوالدتي علني أتمكن من رسم البسمة على وجهها". والمرشدة الاجتماعية فايزة اللقيس أكدت لـ((شينخوا)) أن "عجز نسبة كبيرة من المواطنين اللبنانيين عن شراء هدايا عيد الأم أمر محزن، سينعكس سلبا على نفوسهم ويجعلهم في حالة احباط وغضب وحقد على الأوضاع التي أوصلتهم إلى هذا الدرك المخيف الذي أوقعهم في فقر مدقع غير قادرين على تجاوزه في المدى المنظور". يذكر أن عيد الأم ظهر حديثا في مطلع القرن العشرين بهدف تكريم الأمهات والأمومة ويحتفل لبنان والعديد من دول العالم بهذه المناسبة كل عام في 21 مارس ، ويقام ذلك للدلالة على الاحترام العام، وتقدير المرأة لإنجازاتها الإنسانية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية. ويعاني لبنان منذ نحو عامين من أسوأ أزمة في تاريخه بحيث يغرق البلد في أزمات سياسية واقتصادية ومعيشية وصحية متشابكة أدت لانهيار عملته الوطنية وتجاوز معدل الفقر نسبة 82 % مع تفاقم البطالة والتضخم وتآكل المداخيل والمدخرات وسط ارتفاع غير مسبوق في الأسعار مع نقص في الوقود والأدوية وحليب الأطفال.
مشاركة :