رائحة صابون الغار تعبق مجددا في مدينة حلب القديمة

  • 3/25/2022
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تعبق رائحة الغار في أزقة وحارات حلب القديمة التي توطنت فيها صناعة صابون الغار عبر التاريخ وانفردت عن غيرها من المدن بهذه الحرفة اليدوية التي برع الحلبيون بها ونقشوا أختامهم على قطع الصابون المرصوفة تحت قباب مصابنها العريقة لتحمل هوية وتميز صناعها الذين توارثوا هذه المهنة عبر الأجداد حتى تكنوا بها وصبغت عائلاتهم بأسمائها. يقول فادي قداح أحد أصحاب معامل صابون الغار في باب النصر، إنه يوجد أكثر من 80 معملا في حلب وحدها وأصل تسمية صابون الغار نسبة إلى شجرة الغار دائمة الخضرة المعروفة بفوائدها وأهميتها، موضحا أن زيت الغار يستخرج من ثمار أشجار الغار يدويا وهو زيت عطري يدخل في صناعة الصابون إضافة إلى زيت الزيتون. وفي باب النصر وعبر شارع عتيق مقبي بأقواس حجرية تسمع جلبة وأصوات العمال في دار قديمة أعدت لتكون منشأة لصناعة الصابون هي مصبنة الزنابيلي حيث تتم عمليات تحضير وسكب مادة صابون الغار وتقطيعها وتنشيفها لتكون بعد أشهر جاهزة للتوزيع وجواز سفر للتعريف بهذه الصناعة العريقة. وورث صفوان زنابيلي صاحب المنشأة المهنة عن أبيه وأجداده وأتقنها واستمر في الإنتاج لسنين طويلة ليتوقف قسرا خلال فترة الحرب حيث تضررت منشأته جراء الإرهاب ليعود بعد تحرير المنطقة على أيدي أبطال الجيش العربي السوري لمحله بعد ترميمه لتبدأ فيه حركة الإنتاج من جديد. عبق خاص بأزقة حلب القديمة عبق خاص بأزقة حلب القديمة وترتكز صناعة صابون الغار، وفق ما أوضح زنابيلي لمراسل وكالة الأنباء السورية (سانا)، على مجموعة من المواد أولية هي ماءات الصوديوم وزيت المطراف الناتج عن زيت الزيتون ومادة زيت الغار الطبيعي حيث يتم تذويب ماء الصوديوم في قدر كبير وتمديدها بالماء لتفقد خاصيتها الحارقة وإضافة زيت المطراف إليها على مراحل وتشغيل الحراقات تحت القدر لرفع درجة الحرارة حتى الغليان مع التحريك المتواصل عبر محرك هيدروليكي داخل القدر لتتم عملية المزج الكيميائي والوصول إلى التصبن. 80 معملا لصابون الغار في حلب وحدها وأصل التسمية صابون نسبة إلى شجرة الغار دائمة الخضرة المعروفة بفوائدها وأهميتها وتابع “بعدها تتم إضافة زيت الغار الطبيعي ثم ضخ الصابون السائل اللزج وفرشه على مسطحات مستوية تحت أسقف القباب الحجرية وعزله عن الأرض باستخدام النايلون لحفظه من الشوائب ويترك لنحو عشر ساعات حتى يجف، تليها عملية التقطيع اليدوي باستخدام الجوزة وهي آلة خشبية لها مسننات يتم التحكم بها وفق أحجام الصابون المنتج الطويل أو المربع”. ويوضح حسن تسقية أحد العاملين في المجال منذ سنوات طويلة، كيفية تقطيع ألواح الصابون باستخدام الجوزة التي تقيس ارتفاع لوح الصابون قبل أن تتم عملية تقطيعه حيث يلبس العامل بقدميه القبقاب الخشبي المخصص لهذه العملية والذي يكون عازلا للحرارة ليتم فيه تمهيد الوجه العلوي للصابون قبل تقطيعه، بعد ذلك تتم عملية ختم الماركة المسجلة التي تخص كل مصنع صابون على الوجه العلوي للوح الصابون حيث يكون اللوح طريا قابلا للنقش عليه ثم تليها مرحلة عقد الصابون ليأخذ راحته بعد التقطيع. ولفت زنابيلي إلى أنه بعد عملية التقطيع يترك الصابون نحو 48 ساعة لتتم عملية توزيع المنتج على شكل هرمي وترك فتحات تهوية ويبقى الصابون حتى فصل الصيف وبعد أن يجف تتم عملية التعبئة والبيع بالأسواق. خلطة بمقادير مضبوطة خلطة بمقادير مضبوطة وأشار إلى أن جو حلب الجاف وتوفر المواد الأولية الداخلة في التصنيع أسهما بشكل كبير في تميز صناعة الصابون فيها ووصول منتجاتها إلى الكثير من الدول. ويواظب عمر علوش في مصبنة الزنابيلي على عمليات تحريك خلطة الصابون أثناء تحضيرها في القدر الكبير عن مقادير كل خلطة والبالغة 600 كغ من مادة القطرونة و4250 كغ من الزيت، مبينا أنه يحركها حتى درجة الغليان ويتركها لفترات ويغليها مرة أخرى حتى تنضج وفي اليوم الثاني يضيف زيت الغار على مراحل بعد ترقيد الماء عنها. وتحدث العامل أحمد صابوني عن خبرته في العمل الذي أمضى فيه أكثر من 42 عاما حتى طغت صفة صنعة الصابون على اسم عائلته، مشيرا إلى أن عمليات تقطيع الصابون اليدوي تتم بعد وضع المادة منذ الصباح الباكر على أرض مستوية ثم تختيمها يدويا بواسطة الختم المعدني حيث تترك لمدة يومين تتم بعدها عمليات جمع الصابون ويبقى حتى الصيف كي يجف. ويختلف لون صابون الغار عن غيره من أنواع الصابون بوجود طبقة خارجية ذات لون أصفر ذهبي أما لونه الداخلي فأخضر فاقع دليل على حداثة صنعه ولكن مهما قدم يبقى محافظا على رائحته المميزة والمنعشة ورغوته الكثيفة. ويشير قداح إلى التحسن التدريجي الذي طرأ على عمليات إنتاج صابون الغار هذا الموسم نتيجة زيادة الطلب داخليا وخارجيا، موضحا أنه في فصل الشتاء تبدأ عملية صناعة الصابون من بداية يناير حيث يتم شراء الزيت وتبدأ عملية صنعه. ومازالت حكاية صناعة صابون الغار الحلبي تكتب فصولا جديدة في أزقة وشوارع مدينة حلب رغم كل الحصار ورغم كل ما حل بالمدينة من دمار وخراب جراء الإرهاب.

مشاركة :