«رائحة اليونان» ما زالت تعبق في الإسكندرية المصرية

  • 5/28/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

على مدى سنوات طويلة كانت مدينة الإسكندرية المصرية مقراً لإقامة جالية يونانية كبيرة نسبياً، واليوم لم يعد موجوداً من نسل هذه الجالية بالمدينة سوى عدد قليل جداً.ولم يبق أيضاً سوى القليل من المعالم الخاصة بتلك الجالية التي يحاول نسلها الحفاظ على تراث أسلافهم. وحوَّلت السفارة اليونانية منزل الشاعر كونستانتينوس بترو كفافيس (قسطنطين كفافيس) إلى متحف. ويرى كثيرون أن كفافيس هو من وضع مدينة الإسكندرية على الخريطة.وكفافيس، الذي تحدث في قصائده عن حبه لمدينة الإسكندرية، يوناني الأصل لكنه وُلد وعاش في مصر معظم حياته. ويحوي المتحف نسخاً نادرة من أعماله، إضافة إلى أثاث بيته الأصلي بالكامل.وقال مرشد سياحي يوناني يدعى سبيروس إكسنوس: «فيه ريحة اليونان، والدليل طبعاً فيه محلات، عدد كبير من المحلات ما زالت بالأسامي اليونانية. عدد كبير من الناس الكبيرة في السن حالياً، لكي لا أقول بيتكلموا، أقول لك بيفهموا اللغة اليونانية بطلاقة. وغير طبعاً المدارس وغير النوادي اليونانية التي ما زالت في إسكندرية». وهناك كثيرون مثل كفافيس.فقد ولد كثير من اليونانيين في الإسكندرية، واختار بعضهم أن يعيش ويعمل في مصر بدلاً من أن يعود لليونان.ويتحدث هؤلاء اللغتين العربية واليونانية بطلاقة، ويديرون مشاريع تجارية بدأت منذ نحو 100 عام.وأعادت زيارة رسمية نظمتها الحكومة المصرية في الآونة الأخيرة، عشرات المواطنين اليونانيين الذين كانوا يعيشون في الإسكندرية للمدينة التي لم يروها منذ أكثر من 40 سنة.وهدف الزيارة كان إعادة تقديم الإسكندرية مجدداً، باعتبارها المركز الثقافي للبحر الأبيض المتوسط.ويقول إدموند نيكولا كاسيماتيس رئيس الجالية اليونانية في الإسكندرية، الذي يدير محلاً تجارياً بناه والده عام 1908، إن اليونانيين في الإسكندرية كانوا مندمجين مع الشعب ويعملون في كل المهن.وأضاف: «نعم كان هناك يونانيون أصحاب مصانع، أصحاب محلات، أصحاب شركات كبيرة. لكن كان هناك أيضاً يونانيون سائقي تاكسي، كان هناك يونانيون أصحاب مقاهٍ بلدية، كان فيه يونانيون جرسونات. أغلبية الجرسونات الذين كانوا موجودين في الإسكندرية يونانيون، وكانوا مختلطين مع الشعب، يعيشون معهم، وقريبين من الشعب».وكانت الإسكندرية آنذاك مدينة عالمية يهاجر لها أناس من كل أنحاء منطقة البحر المتوسط بحثاً عن فرص عمل وحياة أفضل.وكانت ألكسندرا هاموس، جدة ليليان عيسى، واحدة من أولئك المهاجرين الذين استقر بهم المقام في الإسكندرية، حيث افتتحت مقهى صغيراً باسمها لا يزال قائماً حتى اليوم.وتقول ليليان إن الكثير من اليونانيين الذي يعملون في الحلوى والمعجنات اندمجوا على مر السنين مع الفلكلور والتقاليد المصرية، وأصبحوا يتفننون في صنع حلويات تخصص لمناسبات مثل عيد القيامة وعيد الفطر. وأضافت ليليان عيسى، التي تملك محل حلواني: «أنا لا أحس بغربة لأن هذا بلدي، أنا إسكندرانية، ويعني كوني إسكندرانية هذا في حد ذاته هوية. نحن لسنا نبحث عن أن نبقى داخلين في قوالب أو إكليشيهات إن المصري لازم يبقى هكذا، أو اليوناني لازم يكون هكذا، والشامي لازم هذا، لأ، أنا شخصياً أعتبر أن هذه هويتي، أنا لست فقط مصرية أنا إسكندرانية ودي ليها طابع، الناس الذين عاشوا في جيل مثل والدي ووالدتي أو أقدم ممكن يفهموها، إن هذه هوية إسكندراني».ولا تزال رائحة اليونان تعبق في مدينة الإسكندرية على الرغم من قول كاسيماتيس إن آلاف اليونانيين اضطروا لمغادرة مصر في حقبتي ستينات وسبعينات القرن الماضي بعد ثورة 1952 التي أطاحت بالحكم الملكي في مصر.

مشاركة :