فتحت عشرات المراكز الانتخابية في تونس، أمس، أبوابها أمام نحو 120 ألف ناخب، بحسب سجلات الناخبين المسجلين لانتخاب المجالس البلدية الجديدة في خمس بلديات، وذلك تحت إشراف الهيئة العليا المستقلة للانتخابات. وتشمل الانتخابات، التي تستمر حتى مساء اليوم (الأحد)، بلديات (محافظات) ساقية الزيت، والشيحية في بلدية صفاقس (وسط شرق)، والقلعة الكبرى بولاية سوسة (وسط)، وطبرقة بولاية جندوبة (شمال غربي)، وأزمور بولاية نابل (شمال شرق). وخصص يوم أمس لاقتراع العسكريين وعناصر قوات الأمن الداخلي، فيما يخصص اليوم الأحد لاقتراع المدنيين. وقال عادل البرينصي، نائب رئيس هيئة الانتخابات لـ«الشرق الأوسط»، إن هذه الانتخابات: «شهدت ترشح 13 قائمة انتخابية بصفة قانونية ونهائية، موزعة بين تسع قوائم مستقلة، وأربع حزبية تعود لحزبي حركة النهضة (إسلامية) وحركة الشعب (قومي). ومن المنتظر أن تجد القائمات الانتخابية الحزبية منافسة حادة على المقاعد في البلديات الخمس من قبل القائمات الانتخابية المستقلة، بحسب مراقبين. وأضاف البرينصي أن هذه الانتخابات كانت مبرمجة يومي 15 و16 يناير (كانون الثاني) الماضي بالنسبة لبلديات طبرقة وأزمور، والقلعة الكبرى وساقية الزيت، على أن تجري الانتخابات الجزئية لبلدية الشيحية يومي 29 و30 من الشهر ذاته، غير أن هيئة الانتخابات قررت تعليق رزنامة هذه الانتخابات الجزئية البلدية، بسبب القرارات الصادرة عن رئاسة الحكومة حول الإعداد لمجابهة التطورات المحتملة لفيروس «كورونا». ومنذ 25 من يوليو (تموز) الماضي، تاريخ إقرار التدابير الاستثنائية، تم إجراء انتخابات جزئية في 13 بلدية. ومن المنتظر أن يصل عدد البلديات، التي شهدت انتخابات جديدة منذ 2018، تاريخ إجراء الانتخابات البلدية، نحو 5 بلديات. وسيكون الموعد الدستوري لإجراء انتخابات بلدية عامة في سنة 2023. على صعيد آخر، استنكر المكتب التنفيذي لحركة النهضة بشدة سعي السلطة المركزية القائمة «محاولة الاستحواذ على سلطات المجالس البلدية، وتهميش السلطة اللامركزية»، التي مثلت مكسباً دستورياً من خلال الباب السابع من الدستور التونسي، وقانون الجماعات المحلية، ودعت إلى احترام الحق النقابي، وتجنب إثارة الفتنة بين موظفي وعمال البلديات والمجالس البلدية المنتخبة. في إشارة إلى الإضراب عن العمل، الذي نفذه عمال البلديات قبل يومين، والخلافات التي وقعت بينهم وبين رؤساء البلديات، وتدخل السلطة لاقتطاع أيام الإضراب من أجورهم. ودعت حركة النهضة إلى «حوار وطني شامل»، من أجل إحداث استقرار سياسي كشرط موضوعي لصياغة بدائل اقتصادية واجتماعية، وإنجاز الإصلاحات الكبرى، في إطار ديمقراطية تشاركية، واستكمال بناء المؤسسات الدستورية، التي قالت إن السلطة القائمة تسعى إلى تفكيكها وإلغائها، «من أجل تركيز حكم فردي مطلق يقوض الحريات، ويمهد لديكتاتورية جديدة»، على حد تعبيرها. في غضون ذلك، دعت عزرا زايا، مساعدة وزير الخارجية الأميركي المكلفة بالأمن المدني والديمقراطية وحقوق الإنسان، إلى ضرورة اعتماد مسار تشاركي في تونس لتجاوز الأزمة السياسية، وقالت خلال اجتماعها مع عثمان الجرندي، وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، إن الولايات المتحدة التي رافقت تونس في انتقالها الديمقراطي «تتطلع إلى مواصلة دعم التجربة الديمقراطية التونسية من منطلق أواصر الصداقة، التي تجمع البلدين حتى تظل هذه التجربة ملهمة للجميع»، على حد ما أورده بيان الخارجية التونسية. ومن جانبه، شدد الجرندي على «التزام تونس الثابت بالخيار الديمقراطي، بما يحمله من مبادئ ذات صلة بحقوق الإنسان والحريات، وتكريس العدل والمساواة بين الجميع». وبين أن هذا الالتزام «لا ينبع فقط من إرادة سياسية، وإنما من إرادة الشعب التونسي»، مبرزاً أن المنابر الإعلامية «مفتوحة للجميع، وحرية التعبير مضمونة، وكذلك الشأن بالنسبة لحرية التجمع والتنظيم والعمل الجمعوي». واستعرض الجرندي في ذات السياق، المحطات السياسية المقبلة، خصوصاً منها الاستفتاء على الخيارات والإصلاحات السياسية الكبرى في 25 يوليو المقبل، والانتخابات التشريعية التي ستنظم يوم 17 ديسمبر (كانون الأول) القادم، والتي سينبثق عنها برلمان تونسي جديد.
مشاركة :