شرح مبادئ الخمسين: حسن الجوار أساس الاستقرار

  • 4/2/2022
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يأتي المبدأ الخامس من مبادئ الخمسين لكي يشير بكل وضوح إلى أن: «حسن الجوار أساس للاستقرار، المحيط الجغرافي والشعبي والثقافي الذي تعيش ضمنه الدولة يعتبر خط الدفاع الأول عن أمنها وسلامتها ومستقبل التنمية فيها، وتطور علاقات سياسية واقتصادية وشعبية مستقرة وإيجابية مع هذا المحيط يعتبر أحد أهم أولويات السياسة الخارجية للدولة». ومعنى الصياغة والمصطلحات التي وردت في هذا المبدأ من مبادئ الخمسين أن دولة الإمارات تولي اهتماماً كبيراً ببيئتها الخارجية بدءاً بالمكون القريب منها، وهو المحيط الإقليمي الذي يتكون من دول الخليج العربي، ومن ثم دول العالم العربي، وانتهاءً بدول العالم الإسلامي الآسيوية التي هي إيران وأفغانستان وباكستان، يليها دول جنوب آسيا الهند وبنجلاديش وسيرلانكا، هذا الجسد الجغرافي الممتد يمكن إدخال تركيا فيه أيضاً لكي يكتمل عقد الجوار الجغرافي لدولة الإمارات. بالنسبة لدول الخليج العربي يشكل مجلس التعاون لدول الخليج العربية المنتدى السياسي والفكري الذي يربط بين دولة الإمارات والدول الخمس الأخرى. وهذه الدول الست تقوم العلاقات فيما بينها على الأخوة التي تشكل اللُحمة الحقيقية، فوشائج القربى والمصاهرة بين شعوب هذه الدول وتشابه ظروف الحياة والمعيشة جعلت من الشعوب الستة وكأنها شعب واحد يعيش متجاوراً منذ الأزل. وبالتأكيد أنه في السنوات الأخيرة وبعد أن أصبحت جميع دول المجلس دولاً مستقلة ذات سيادة، صارت المصالح الاقتصادية والسياسية والأمنية والاستراتيجية هي التي تجعل من دول وشعوب المجلس أكثر اتصالاً وتعاوناً وتنسيقاً فيما بينها أكثر من أي وقت مضى. لقد أدركت دولة الإمارات أهمية تبادل المصالح مع شقيقاتها الخليجيات، فصارت تسعى بشكل حثيث ودؤوب ودائم إلى تقريب وجهات النظر في شتى المجالات، وقدمت كل ما تستطيع من دماء أبنائها وثرواتها وخيراتها لكي تدعم وتساند أية دولة من دول المجلس تتعرض لمخاطر أو اعتداءات خارجية، فخاضت حرب تحرير الكويت عام 1991، وها هي الآن تخوض معركة استرداد اليمن من براثن الحوثيين وإعادة الشرعية فيه ضمن التحالف العربي في اليمن. يتحدث المبدأ الخامس عن حسن الجوار الإقليمي لكي يشير إلى أن العالم العربي هو جزء لا يتجزأ من جوارها الجغرافي الذي عليها أن ترعاه وتدعمه لكي تحقق هي ذاتها أمنها الوطني، فالعالم العربي من المحيط إلى الخليج تنظر إليه دولة الإمارات بأنه خط الدفاع الأول عن أمنها وسلامتها ومستقبل التنمية فيها وتحقيق مصالحها كافة على المدى البعيد. إن هذه الحقيقة تتأكد عندما نلاحظ بأن كبار القادة والمسؤولين في الدولة دائما ما يتحدثون بكل وضوح بأنه لا يمكن لدولة الإمارات أن تعيش في معزل عن شقيقاتها العربية، فهي وشعبها الأبي يكنون لجميع أشقائهم العرب في كل مكان كل ود ومعزة واحترام، ويعلمون بأنهم عند الضرورة سيحتاجون إلى دعم ومساندة أشقائهم العرب. وإن كان التاريخ الحديث يشهد على ذلك، فإن الواقع أكثر مصداقية وتعبيراً عن ما يمكن أن يحققه العرب مع بعضهم بعضاً ولبعضهم بعضاً من منافع ومصالح لا يمكن أن تحصى أو تعد، وتكفي الإشارة إلى العلاقات المتميزة التي تربط بين دولة الإمارات وأشقائها العرب في المغرب والسودان وغيرها. وضمن بيئتها الخارجية الإقليمية الأوسع حرصت دولة الإمارات خلال الخمسين سنة الماضية على إقامة علاقات متميزة مع جميع دول آسيا التي تقع ضمن تلك البيئة الخارجية، خاصة الهند وباكستان وأفغانستان وبنغلاديش وسيرالانكا، وهي علاقات تتوطد كل يوم في إطار من تبادل المصالح المشتركة والاحترام المتبادل وحسن الجوار. أما بالنسبة لإيران، فإن دولة الإمارات تبذل قصارى جهدها وبشكل مستمر منذ قيامها على تطبيع العلاقات معها، وتعمل على تهدئة الأوضاع بشكل دائم رغم قيام إيران باحتلال جزء غال وثمين من تراب الوطن، وهي الجزر الثلاث، أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى. ورغم الموقف الإيراني المتشدد من هذه القضية بالتحديد، إلا أن تبادل المصالح الاقتصادية بين الدولتين الجارتين قائمة وصلبة، وهي ممتدة في عمر الزمن ربما لآلاف السنين. وفي هذا الإطار يد دولة الإمارات دائماً ممدودة نحو جارتها إيران وتطمح، بل وتسعى دائماً إلى إقامة علاقات متينة وقوية معها على كافة الأصعدة في إطار من الاحترام المتبادل للسيادة الوطنية وللمصالح المشتركة، فإيران كجار حقيقة جغرافية قائمة، فمن ذا الذي يستطيع تغيير هذه الحقيقة الراسخة؟

مشاركة :