كلّ وزراء الخارجية الأمريكيين يُردِّدون الأسطوانة المشروخة نفسها، دون تغيير فيما يخصُّ مشكلة فلسطين: قضية المسلمين الأولى، والأهم على الصعيد الدولي. ليس مستبعدًا أن يحضر كلّ مَن شغل هذا المنصب دورة مكثّفة في كيفية إدارة أيّ حوار، أو مواجهة أيّ سؤال حول إسرائيل، وفلسطين! هناك في ظنِّي إكليشة صريحة، وواضحة متضمّنة تعليمات مشدَّدة لا تقبل التغيير أو التبديل؛ لأنها ببساطة من ثوابت السياسة الأمريكية، إلى أن يكتب الله قدرًا آخرَ بعد حين. من هذه التعليمات الصارمة ما يلي: • لا تنتقد إسرائيل أبدًا مهما فعلت، ومهما ولغت في دماء الفلسطينيين. • ليكن مندوب الولايات المتحدة مندوبًا ساميًا مفوّضًا لإسرائيل، ويصوّت في مجلس الأمن لصالحها باستمرار. • إذا بلغ السيل الزبى، فاكتفِ بشيء من إبداء القلق. مثلاً (حبّة) في الصباح، وأخرى في المساء، فهي كافية لذر الرّماد في عيون العرب؛ حتّى لا يبصروا معالي الوزير الأمريكي، إلاَّ والقلق قد انتابه على مصرع يهودي واحد، ومئة فلسطيني فقط. • وإذا أراد معاليه (إسعاد) العرب، فما عليه إلاّ الإشارة إلى أهمية حل الدولتين، لكن بشروط من أهمها اتّخاذ الفلسطينيين مواقف شجاعة، تؤكّد رغبتهم في السلام، ونبذهم العنف ضد إسرائيل الوادعة المتحضّرة. • وأمّا إذا كانت الأوضاع على غير ما ترغبه إسرائيل، مثل انتفاضة الأقصى المبارك، فإن المطلوب من الفلسطينيين التهدئة والخنوع! لماذا يا معالي الوزير؟ أجاب: (لخلق أفق سياسي!) هذا الأفق الذي بدأ في أوسلو منذ ربع قرن، ولا يزال في مرحلة (التخليق) حتى يوم يُبعثون، طبقًا لرغبة بني صهيون. وفي المقابل يتعهّد الوزير المُحنّك بتقديم بعض التسهيلات الشكلية، والمزايا الصورية، التي لن تُنفّذ أصلاً، فمن طبائع اليهود الكذب بالجملة، ونقض العهود عند أول فرصة. ولذلك فالسيّد كيري اليوم يعاني من لازمة القلق بسبب خوفه من خروج الوضع في الأقصى، والضفة الغربية عن السيطرة (الإسرائيلية) طبعًا. وبالنسبة للكيان الصهيوني الغاضب، فإن انتفاضة الضفة الغربية (غير) حتمًا؛ لأنها في عقر العدو، ولأنها كسرت حاجز المألوف المعهود من الضفة، حيث الهدوء والموادعة على عكس غزة، حيث المقاومة والممانعة. إنّها أقدار الله، {وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}. salem_sahab@hotmail.com
مشاركة :