يسيطر الارتباك على تحركات مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا ستيفاني ويليامز حول وضع قاعدة دستورية تجرى عليها الانتخابات الليبية. وبينما يصر البرلمان على تجاهل مبادرتها الرامية لوضع قاعدة دستورية، قالت إنها تلقت تفاعلا إيجابيا بشأنها من قبل رئيس البرلمان المستشار عقيلة صالح، في حين تقول بعض التقارير إن ويليامز تخطط للمرور إلى الخطة “ب” المتمثلة في تفعيل دستور 1951. ومنذ بدء الحديث عن ضرورة إجراء الانتخابات كحل لإنهاء أزمة الشرعية العاصفة بالبلاد منذ سنوات سنة 2017، ظهرت القاعدة الدستورية كمشكلة عرقلت إجراءها وتعددت الاقتراحات لتجاوز هذه العقدة. واقترحت الأطراف التي تريد التعجيل بالانتخابات إجراء تعديل على الإعلان الدستوري بما يسمح بإجراء الانتخابات الرئاسية على أساسه وطرح أيضا مقترح تفعيل دستور 1951، في المقابل أصر الإسلاميون سواء الإخوان أو التيار الأكثر تشددا المحسوب على الجماعة المقاتلة والذي صار يعرف باسم تيار المفتي نسبة للمفتي المقال الصادق الغرياني، على ضرورة إجرائها وفقا للدستور الجديد بعد الاستفتاء عليه. جبريل أوحيدة: البرلمان مقتنع بأن ويليامز لا تريد حل الأزمة الليبية وتستغرق عملية الاستفتاء على الدستور أكثر من سنة إذا تم التصويت عليه بـ"نعم" وهو احتمال ضعيف في ظل المعارضة القوية له في عدة مناطق خاصة في إقليم برقة الواقع تحت سيطرة الجيش بقيادة المشير خليفة حفتر. وينظر للمطالبين بإجراء الانتخابات على أساس الدستور الجديد كمعرقلين للانتخابات التي كان من المزمع إجراؤها في الرابع والعشرين من ديسمبر الماضي لكنها لم تجر. وقالت ويليامز في حوار مع قناة هيئة البث البريطانية "بي.بي.سي" مساء الأربعاء "تلقيت ردا إيجابيا جدا من رئيس مجلس النواب، حيث رحب بمبادرة الأمم المتحدة"، لكن البرلمان لم يؤكد ذلك بعد. وأوضحت أنّ الأمر الآن ليس سوى مسألة الجمع بين المجلسين، ومن ثمّ إطلاق المفاوضات، معبرة عن تفاؤلها بأن الظروف ستسمح باجتماع فعلي للمجلسين، دون أن تحدد المكان والزمان. كان البرلمان قد تجاهل مساعي ويليامز ما أعطى انطباعا بأن مبادرتها قد فشلت، خاصة وأن أمد مبادرتها قد انتهى حيث اقترحت اجتماع اللجنة المشتركة التي طالبت البرلمان ومجلس الدولة بتشكيلها في الخامس عشر من مارس الماضي لإجراء محادثات طيلة أسبوعين لوضع القاعدة الدستورية. واختار مجلس الدولة الاستشاري (ممثل الإسلاميين) ممثليه للمشاركة في هذه المحادثات، وأعلن مساء الأربعاء استعداده "للتحاور مع اللجنة الممثلة لمجلس النواب متى ما وُجهت لهم الدعوة من قبل البعثة الأممية للدعم في ليبيا". واجتمعت ويليامز نهاية مارس مع اللجنة المشكّلة من مجلس الدولة، فيما رفض البرلمان التعليق أصلا عن مبادرتها، وشكل رئيسه لجنة دستورية دون عقد جلسة أو إرسال الأسماء إلى البعثة الأممية، أو حتى تحديد مهمة الجلسة بين مبادرة ويليامز أو خارطة الطريق والتعديل الدستوري الذي أقره مجلس النواب في فبراير الماضي بعد توافق مع مجلس الدولة. وكانت صحيفة "أوراسيا ريفيو" الأميركية قد كشفت مؤخرا عن "خطة ب" لحلحلة الأزمة الراهنة في ليبيا وهي الدفع نحو إحياء دستور 1951 الذي حكم البلاد قبل وصول العقيد الراحل معمر القذافي إلى دفة الحكم. لكن الشكوك تحيط برغبة وتفكير ويليامز في الدفع نحو هذا المقترح، والأهم هو مدى قدرتها على إقناع البرلمان الليبي به خاصة بعد رفضه الاستجابة لدعوتها السابقة للانخراط في مبادرتها. ينظر للمطالبين بإجراء الانتخابات على أساس الدستور الجديد كمعرقلين للانتخابات التي كان من المزمع إجراؤها في الرابع والعشرين من ديسمبر الماضي لكنها لم تجر وقال النائب البرلماني جبريل أوحيدة إن "مجلس النواب وصل إلى قناعة بأن ستيفاني لا تريد حل الأزمة بل إدارتها فقط، البرلمان تماهى كثيرا مع البعثة الأممية في السنوات الأخيرة". وأوضح أوحيدة في اتصال هاتفي مع “العرب” أن “البرلمان حاول أن يتفاهم مع مجلس الدولة لكن ويليامز عوض دعم هذا التوافق ذهبت في اتجاه آخر تماما، البرلمان لن يخرج من التعديل الدستوري وسيشكل لجنة ويفرض ما نص عليه التعديل الدستوري 12". ورأى النائب البرلماني الليبي أن “الحل قد يكمن فعلا في إحياء دستور 1951، تيار واسع من مجلس النواب سيوافق على إحياء دستور 51 الذي توافق حوله الليبيون وكانت تجربته ناجحة". وقال النائب في البرلمان الليبي جلال الشويهدي إن "مجلس النواب لن ينصاع لمبادرة مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة". وأضاف أن اللجنة الدستورية التي كلفها البرلمان لن تجتمع بشكل فردي كما أنها لن تجتمع خارج البلاد، مشددا على ضرورة وجود خبراء من خارج المجلسين ضمن اللجنة الدستورية. ولطالما مثلت القاعدة الدستورية ورقة الأطراف الساعية لعرقلة الانتخابات الليبية سواء الإسلاميين الذين وظفوها مرارا من أجل ذلك أو غيرهم. وقال أوحيدة إن "الطريق مسدودة تماما الآن، من أسباب التعثر في وضع قاعدة دستورية هو غياب الوضع الطبيعي، الوضع غير طبيعي فبعض الأطراف مسيطرة بقوة السلاح على المشهد، وفي هذه الظروف يصعب وضع قاعدة دستورية".
مشاركة :