تقنيات التعرف على الوجوه تنهي عصر الخصوصية

  • 4/8/2022
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أحدث مثال على غطرسة وادي السليكون هو تطبيق التعرف على الوجه “كليرفيو”. البرنامج الذي طورته شركة ناشئة قوي للغاية بحيث يمكن لأي شخص أن يتوجه إليك في الشارع ويلتقط صورتك ويكتشف بسرعة اسمك وعنوانك ورقم هاتفك، وفقًا لتقرير في صحيفة نيويورك تايمز. تكنولوجيا مثل هذه ستحظى بترحيب نوعين من الناس؛ الجهات المناط بها تنفيذ القانون، والفضوليون الذين يحاولون اختراق الحياة الخاصة للناس والمعروفون باسم “المتسللون”. هناك أكثر من سبب للقلق من هذا التطبيق والتطبيقات المشابهة له لما قد يتيحه من إمكانيات لأشخاص عدوانيين وعنيفين لمعرفة تفاصيل دقيقة عن ضحاياهم واستخدام هذه المعلومات للسرقة أو التشهير والابتزاز. وكان طبيعيا، بشكل خاص، أن تشهق النساء ذعرا في كل مكان مع انتشار أخبار التطبيق، كما تقول مدافعة عن الخصوصية في منظمة “برو برايفسي”، “مرة أخرى، احتلت سلامة المرأة على الإنترنت وفي الحياة الواقعية المرتبة الثانية بعد رغبة الشركات التقنية الناشئة في إنشاء واستثمار تكنولوجيا أكثر اقتحاما للخصوصية من أي وقت مضى”. فيسبوك هو المصدر هوان تون ذات: لدينا 20 مليار صورة مخصصة لاستخدام سلطات إنفاذ القانون الشركة المثيرة للجدل كانت وراء بناء ملف فوتوغرافي ضخم لأشخاص حول العالم تستخدمه أجهزة شرطة وحكومات دول، ومؤخرا استخدم من قبل الجيش الأوكراني. وتعمل كليرفيو جزئيًا عن طريق جمع البيانات المتاحة للجمهور من مواقع التواصل الاجتماعي الشهيرة (فيسبوك، تويتر، يوتيوب وفينمو..). ورغم ما أكدته شركة ميتا المالكة لفيسبوك على لسان متحدث باسمها من أن الشركة تعتبر أي استخدام للمعلومات مأخوذة من مواقعها وإضافتها إلى دليل محظور بموجب سياسة الشركة، مؤكدا أنهم سيراجعون الادعاءات المتعلقة بهذه الشركة ويتخذون الإجراء المناسب في حال وجدوا انتهاكا لقواعدهم. وأكد موقع تويتر أيضا أنه يحظر هذا الاستخدام لبياناته. وكشف المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة كليرفيو للذكاء الاصطناعي هوان تون ذات عن خطط الشركة مطلع أبريل لتوضيح ما جاء في ملف المحكمة الفيدرالية الأخير الذي أشار إلى أن الشركة معروضة للبيع. وقال “ليس لدينا أي خطط لبيع الشركة”. لكن شركة نيويورك الناشئة تتطلع إلى إطلاق مشروع تجاري جديد للتنافس مع أمثال أمازون ومايكروسوفت في التحقق من هوية الأشخاص باستخدام التعرف على الوجه. وسيستخدم المنتج الجديد “المستند إلى الموافقة” خوارزميات كليرفيو للتحقق من وجه الشخص، لكنه لن يتضمن مجموعة الصور المتزايدة باستمرار والتي تضم حوالي 20 مليار صورة، والتي قال تون ذات إنها مخصصة لاستخدام سلطات إنفاذ القانون. وأشار بشكل خاص إلى عمليات التحقق من الهوية التي يمكن استخدامها للتحقق من المعاملات المصرفية أو لأغراض تجارية، وهي حالات يكون استخدام تقنية التعرف على الوجوه فيها أقل إثارة للجدل. لكن هذا يبقى عكس الممارسات التي اشتهرت بها كليرفيو، والتي جمعت مجموعة ضخمة من الصور المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي ومن جميع الأمكنة المتاحة على الإنترنت. واتخذت منظمات تنشط في دول تمتد من أستراليا إلى كندا وفرنسا وإيطاليا تدابير لمحاولة منع كليرفيو من جذب وجوه الأشخاص إلى محرك التعرف على الوجه دون موافقتهم. وهو ما تحاول أيضا أن تمنع عمالقة التكنولوجيا مثل غوغل وفيسبوك من القيام به. وحذرت مجموعة من المشرعين الأميركيين في وقت سابق من هذا العام من أن “تقنية كليرفيو يمكن أن تنهي عصر إخفاء الهوية العامة في الولايات المتحدة”. سيناريوهات مرعبة ماذا لو وقعت هذه التكنولوجيا في الأيدي الخطأ ماذا لو وقعت هذه التكنولوجيا في الأيدي الخطأ رغم معارضة المشرعين والمنظمين والمدافعين عن الخصوصية، استمرت كليرفيو في إبرام عقود جديدة مع إدارات الشرطة والوكالات الحكومية الأخرى. في غضون ذلك، لم تتوقف الشركة عن استخدام قاعدة بياناتها المتنامية في تنمية قدرات تقنية كليرفيو للذكاء الاصطناعي على التعلم والتطور بشكل مستمر. ويُذكر من بين أكبر عقودها الفيدرالية المعروفة ذلك الذي جمعها بوكالة الهجرة والجمارك الأميركية، التي استخدمت التكنولوجيا لتعقب ضحايا استغلال الأطفال الجنسي ومرتكبيه. كما بدأت كليرفيو في مارس في تقديم خدماتها مجانا للجيش الأوكراني جزئيا للمساعدة في التعرف على الجنود الروس القتلى باستخدام سجلّ كليرفيو الذي يشمل حوالي ملياري صورة مأخوذة من موقع التواصل الاجتماعي الروسي فكونتاكتي. وقال تون ذات معلقا “لقد تمكنوا من التعرف على الجثث، حتى مع وجود تشوهات في الوجه”. وقالت المحاضر الرسمية لجلسة السابع عشر مارس في محكمة اتحادية في شيكاغو نقلا عن أحد المحامين الذين كانوا يدافعون عن الشركة في قضية تنطوي على انتهاك مفترض للخصوصية الرقمية في إلينوي إن كليرفيو كانت “تفكر في بيع منصة التطبيقات إلى كيانات أخرى”. وكما قال المحضر إن “بيع تطبيق كليرفيو” سيناقش بشكل أعمق بمجرد أن تكشف الشركة عن مزيد من التفاصيل للمدعين. ويسمح قانون خصوصية المعلومات الحيوية في إلينوي للمستهلكين بمقاضاة الشركات التي لا تحصل على إذن قبل جمع البيانات مثل الوجوه وبصمات الأصابع. 20 مليار صورة في خدمة سلطات إنفاذ القانون يمكن استخدامها للتحقق من المعاملات المصرفية وقال تون ذات إن المحضر نقل بشكل غير صحيح ما كانت الشركة تحاول إبلاغه للقاضي حول احتمال توسيع أعمالها إلى ما وراء استخدامات إنفاذ القانون. وصرّح “أبلغنا المحكمة أننا نستكشف هذه الفكرة”، مشيرا إلى تأكيدات الشركة السابقة بأنها كانت تبيع خدماتها إلى سلطات إنفاذ القانون فقط. وعند سؤاله عن التطبيقات التجارية المستقبلية خلال مقابلة مع وكالة أسوشيتد برس في أواخر فبراير، أكد تون ذات على تركيز شركته المستمر على الخدمات المقدمة للشرطة. وقال “نحن نركز حقا على إنفاذ القانون في الوقت الحالي”، واصفا كيف تطورت مهمة الشركة من التطبيقات التجارية إلى المساعدة في حل الجريمة. وتابع “نظرنا في جميع أنواع حالات الاستخدام المختلفة: أمن البناء، والتحقق من الهوية، وحتى الفنادق، والضيافة. ولكن عندما قدمنا ​​تقنياتنا إلى سلطات إنفاذ القانون، رأينا هذا النجاح المذهل على الفور حيث تمكنوا من تحديد هوية العديد من ضحايا الجريمة أو مرتكبيها إلى درجة أنه كان نوعا من عدم التفكير في تلك المرحلة للتركيز حقا على هذا النوع من حالات الاستخدام”. وأضاف مؤكدا “في حال قررت الشركة تسويق تقنياتها لاستخدامات أخرى، فسوف تخبر الجمهور والمحاكم بذلك”. وقلل من أهمية ما وصفه بـ”الأهداف السامية” التي عرضتها كليرفيو على المستثمرين المحتملين في وثيقة نشرتها صحيفة واشنطن بوست في فبراير. وقالت الصحيفة إن عرض الشركة المالي في ديسمبر اقترح مجموعة متنوعة من الاستخدامات التجارية المحتملة لتقنية كليرفيو، بما في ذلك مراقبة العاملين في “اقتصاد العمل المؤقت” أو تزويد الشركات “بتنبيهات في الوقت الفعلي” إذا اكتشف أشخاص معينون، وتباهى بقاعدة بيانات الصور التي تنمو بشكل كبير جدا بحيث “يمكن التعرف على كل شخص في العالم تقريبا”. أداة جديدة للمسيئين تقنية كليرفيو يمكن أن تقضي على إخفاء الهوية العامة ولكن ماذا لو وقعت هذه التكنولوجيا في الأيدي الخطأ؟ يمكن استخدام هذا البرنامج لمضايقة ومطاردة أي شخص تقريبًا. وسيكون من المستحيل منع حدوث هذا في حال أتيح البرنامج للجمهور. وهو سيناريو أقر مستثمرو كليرفيو بأنه ممكن. وقال كريستال جاستيس، كبير مسؤولي التطوير في الخط الساخن الوطني الأميركي للعنف المنزلي “أي تقنية تقوم بتطويرها ويستهلكها البشر، عليك التفكير في عيوبها أيضا”. وكان الخط الساخن قد بدأ في الإبلاغ عن الاعتداء الرقمي كفئة خاصة في عام 2015، وشهد زيادة كبيرة في الأعداد منذ ذلك الحين، لاسيما بين الشباب. وأخبرت منظمة العدالة الرقمية أن الخط الساخن للمنظمة استقبل 371000 جهة اتصال خلال عام 2018، 15 في المئة منها كانت شكاوى بشأن إساءة استخدام التكنولوجيا الرقمية. مشرعون أميركيون يحذرون من أن تقنية كليرفيو يمكن أن تقضي على إخفاء الهوية العامة في الولايات المتحدة وعندما تم إطلاق خدمات أوبر في عام 2009، بدت التكنولوجيا رائعة جدًا إلى درجة يصعب تصديقها. ولم نعد عبيدًا لسيارات الأجرة أو النقل العام غير الكفء في مدننا. بالطبع، توافق نموذج أوبر أيضًا بشكل مباشر في الحكمة التقليدية التي تعلمناها كأطفال: لا تركب السيارات مع الغرباء. لم تفكر شركات التكنولوجية التي طورت تطبيقات مثل أوبر وتويتر لتقديم خدمات تسهل من خلالها حياتنا، مثل العديد من الشركات الأخرى، بالسلبيات. لقد أرادوا فقط صنع شيء رائع من شأنه أن يغير العالم. أما فكرة أن يتم استخدامه لأغراض شائنة لم تخطر ببالهم إلا بعد فوات الأوان. وقالت محامية تمثل نشطاء يقاضون كليرفيو لأسباب تتعلق بالخصوصية في كاليفورنيا مؤخرا إن منوبيها قلقون للغاية بشأن استخدام الحكومة للتكنولوجيا لتتبع المتظاهرين والمهاجرين، لكن أي استخدام على أساس “الاستيلاء والبيع غير المصرح به” لبصمات الوجه من كليرفيو يمكن أن ينتهك حقوق الخصوصية. وعلقت سيجال زوتا، المديرة القانونية لجاست فيوتشرز لاو “يبدو أن هدف الاستخدامات المستقبلية المحتملة لكليرفيو متغير. لذلك ستبقى كل السيناريوهات المحتملة الناجمة عن التطبيق مرعبة”.

مشاركة :