في مؤسسة الأميرة سلطانة السديري الخيرية هناك الأميرة سلطانة، صوتها، عبقها، ابتسامتها الدافئة، وخطواتها، وفي المكان لازالت الروح والأعمال، هنا بذلت وعملت وزرعت المحبة، وهنا بقيت الثمار، في كل ركن من أركان بيتها الصغير تركت بصمة تبقيه، وفي البيت الكبير تركت بمحطات الوطن الإنجاز لتحكيه، روت لنا حكاية الإنسانية وزرعت فينا قيمها، علمتنا كيف يكون حب الوطن بالعمل وبالاجتهاد وبالولاء والانتماء. في الأول من رمضان من عام 1432هـ رحلت عن هذه الدنيا إلى جوار ربها، لتنعم برحمته، وتبقي لنا إرثها الثمين بسيرتها العطرة مخلدة ذكراها، التي استحضرها المغردون يوم السبت الفائت.. واستذكروا دعمها لجمعيات تحفيظ القرآن وجمعيات البر واهتمامها بشأن المعوقين ودعمهم وتمكينهم، وسعيها لتكريس مبدأ «التكافل الاجتماعي» طوال حياتها. وكم كانت هي قاسية لحظات الخبر وقتها على اليتامى والمتعففين والمترفعين عن الفاقة، الذي أدمى قلوبهم، وأدمع عيونهم برحيلها؛ تقديراً لمواقفها معهم، وبقي ميدان العمل الخيري شاهداً على ذلك. التقرير العام لأعمال المؤسسة بعد مرور 11 عاماً على رحيلها، جاء في قمة التبشير والتحفيز للخير والفخر، بعد أن ساهمت المؤسسة في تغيير حياة الناس من المحتاجين نحو الأفضل منذ عام 1990م وحتى الآن، وبحجم إنفاق كبير لم يعلن عنه، استفاد منه أكثر من 120 ألف شخص، من خلال فكر شمولي في العمل الاجتماعي والتعليمي والإنساني، فمؤسسة الأميرة سلطانة السديري الخيرية لم تتوقف عند المساعدات الإنسانية، والرعاية الصحية ومكافحة المرض، بل تمتد إلى نشر العلم والمعرفة والريادة وتمكين المجتمع. أعمال عظيمة ومساهمات كبيرة على حياة الناس على امتداد القارات، تحققت بفضل الله، ثم بدعم وتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله-، وإيمانه الكبير بالعطاء منهجاً وبمحبة الخير أثراً يعود نفعه على الجميع، وليس أعلى فكراً وأسمى حكمة من قول خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان: «التكافل الاجتماعي بين المسلمين سمة من سمات هذا الدين الذي تميز عن جميع الأديان والأعراف بسماحته وكرمه». لقد كان غيابها خسارة عظيمة، واهتز برحيلها الكثير من القلوب، لكن الراية، نفس الراية، ما زالت مرفوعة بيد أبنائها الأمير سلطان بن سلمان مستشار خادم الحرمين الشريفين والأمير عبدالعزيز بن سلمان وزير الطاقة، والأمير فيصل بن سلمان أمير المدينة، والأميرة حصة، الذين واصلوا الطريق وحملوا نفس المبدأ ونفذوا نفس النهج والفكر، وأكملوا على المنجز، حتى جعلوا من مؤسسة الأميرة سلطانة السديري الخيرية أيقونة إنسانية، ولو كانت سلطانة بيننا اليوم، لشاهدت الراية تزداد علواً، وتنافسية الوطن لا تضاهى بأعمال الخير والبر والإحسان. أدعو الله أن يرحم الأميرة سلطانة السديري برحمته الواسعة، وأن يجعلها من أسعد السعيدات في قبرها، وأن يجعلها في جنته آمنة مطمئنة، وأن يجعل كل ما قدمته في ميزان حسناتها.
مشاركة :