صياغة المقولات النقدية عند أدونيس من خلال 'الثابت والمتحول'

  • 4/11/2022
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

الجزائر - ناقشت الباحثة مريم بن عياش أطروحة الدكتوراه الموسومة بـ "المصطلح النقدي عند أدونيس من خلال كتابه الثابت والمتحول" تحت إشراف الدكتور محمد الصديق معوش عن جامعة الوادي-الجزائر، بتاريخ 29/03/2022، والتي تحصلت فيها بعد المناقشة العلنية والمداولات السرية على تقدير مشرف جدا مع تهنئة اللجنة. وبدوره هنأها أدونيس على انجاز هذا المشروع الأكاديمي، تناولت بن عياش في سياق أطروحتها المفاهيم نقدية لدى صاحب "تنبأ أيها الأعمى" محددةً الطابع الجدلي القائم على ثنائيته "الثابت والمتحوّل" في اشتغالات أدونيس وتُرادفها ثنائية "الاتباع والإبداع"، باعتبار أنّ الثقافة العربيّة تتخللها لحظات تاريخيّة عُرفت بثبات مفاهيمها، وقابلتها لحظات عرفت تحولا واسعا في هذه المفاهيم، وهو ما دفع أدونيس إلى محاولة توضيح طريقة ترتيب هذه المفاهيم وفق مقولة الثابت والمتحوّل، ومدى قدرة المصطلح على التّغير من الوضع الثابت المستقر إلى الوضع التّحولي المحدث. هذا ويرى أدونيس في مفهوم "الثّابت" ذلك النّص السّلطوي القائم على رفض واقصاء النّصوص الأخرى، المـُغايرة والمـُخالفة له، من مثل نصوص الطّبري وابن حزم وابن تيميّة، والتي لا تخرجُ عن نطاق النّصوص الدّينيّة والإسلاميّة والفقهيّة، وجميع النّصوص المـُوازية لها، بينما رأى في مفهوم "المتحوّل" تجاوز للمسلمات الثابتة، وهو ما جعله يتبنّي التّأويل كوسيلة للخروج عن النّص الأوّل واختراقه. ويعتبر مصطلح الإبداع من المصطلحات المقابلة للمصطلح الرئيس عند أدونيس؛ أي مصطلح التّحول، والذي يُريد به الانفتاح الدائم على الوجه الآخر من الفكر والأدب والنقد، فقد حمّلهم معاني إيجابيّة باعتبارهم خلق، فيما خالفه في ذلك الناقد "عبد الملك بومنجل" الذي أحاطه بطابع سلبي، ورأى بأنّه لا يكاد يكون إلاّ وهما وتجاوزا للواقع، حيث حاول هذا الأخير توضيح فكرة الثابت والمتغيّر المختلفة عن ما تمّ تقديمه من طرف الناقد، فجعل من الثّابت مصطلحا إيجابيا وجوهريا في حياة المجتمع العربي، بينما أقصى هذه الصفة الإيجابية عن مصطلح التّغيّر، على خلاف ما قال به أدونيس. من المواضيع المطروقة في سياق المتحول "الحداثة"، حيث لامس أدونيس الحداثة العربيّة من خلال قراءته للتراث العربي قراءة عموديّة، ومحاولة استنطاقه، وبالتّالي حاول التأسيس لحداثة عربيّة نابعة من الدّاخل لا من الخارج، معبرا عن رفضه لتلك الممارسات اللاواعية لفعل الحداثة، من خلال تبني حداثة غربيّة والانبهار بنتائجها دون الخوض في مسبباتها، وهو ما يوافقه عليه طه عبد الرحمان في كون هذا المفهوم يخلُق من داخل الأمة لا من خارجها. كما وقف على أهم قضايا الحداثة العربيّة بالتّعبير عن إشكالياتها وعقباتها، مُشيرا إلى ضرورة التّملص من سلطة الآخر وتأثيراته الجانبيّة على الثقافة العربيّة؛ من خلال إقامة حداثة عربيّة نابعة من عمق التّراث العربي، ومن ثم تجاوزه إلى آفاق جديدة منفتحة على التّطورات التي تجتاح النّص الأدبي المـُراوغ، ويُنوه في سبيل ذلك إلى أهميّة الإحاطة بنقطة التّحول الفاصلة في تاريخ الأدب العربي، وهي الانتقال من الصيغة الشّفوية (السماعيّة) إلى الصّيغة الكتابيّة (التّدوينيّة). أمّا عن المرجعيات التي حكمت خطابه "الثابت والمتحول" أشارت الباحثة إلى ثلاث منظومات رئيسة، حيث كانت المنظومة التّراثيّة التي حملت المرجعيّة الدينية؛ باعتبار تأثر أدونيس بالخطاب القرآني، والمرجعيّة الشعرية القديمة؛ من خلال إشادته ببعض المتون الشّعرية الحداثية القديمة، والمرجعيّة الصوفيّة التي استعان بفضائها الواسع المنفتح، والأخذ بمصطلحاتها ومفاهيمها واسقاطها على الخطاب الشعري والنقدي؛ من أجل الخروج عن النمطية السائدة، أمّا منظومة الحداثة فتمثلت في تأثره بالمرجعيّة الماركسيّة ورفض الثّوابت باعتبارها تتعارض مع أفكارهم المتحولة والمتطورة، فيما تمثلت المنظومة الأخيرة، وهي منظومة ما بعد الحداثة في الوجوديّة القائمة على شعارات الحرية، والرّمزيّة العائمة في الغموض واللاتحديد، وهو ما يراه أدونيس للخروج من قيد المألوفيّة، وأخيرا المرجعيّة السوريالية التي أقرت بضرروة تغيير الأشكال الثابتة والخوض في المجهول والميتافيزيقيا، واللامعلوم.

مشاركة :