تشي التحركات الأخيرة لرئيسي الحكومتين المتنافستين على السلطة في ليبيا، بتحولات على الطريق في المشهد الليبي الذي عاد إلى الإنقسام، منذ انتخاب فتحي باشاغا كرئيس وزراء ثان بجانب عبدالحميد الدبيبة، قذ تذهب بالبلاد إلى مزيد من السوء. ومساء الاثنين، اجتمع الدبيبة مع آمر مليشيا "166" محمد الحصان، و مختار الجحاوي آمر "شعبة الاحتياط بقوة مكافحة الإرهاب"، وكذلك مع أحمد هاشم قائد "اللواء 53 مستقل"، وهم أبرز أمراء مليشيات مدينة مصراتة، في خطوة يبدو أنه يستهدف من ورائها استمالة قادة الميليشيات ونسج خيوط حلف لمواجهة منافسه. وبدوره، عقد فتحي باشاغا اجتماعا عبر الزوم من مقر إقامته بتونس مع مكونات اجتماعية وشبابية من مصراتة تحدث خلاله عن برنامج عمل حكومته، بالوقت الذي يجري فيه مفاوضات مع تشكيلات مسلحة لدعم حكومته وتسهيل دخولها إلى العاصمة طرابلس. وفي هذا السياق، يرى المحلل السياسي إسماعيل السنوسي في تصريح لـ"العربية.نت"، أن باشاغا يتحرك من أجل توحيد المؤسسات الليبية وتحقيق التوافق السياسي الليبي شرقا وغربا وجنوبا، بينما يعتمد الدبيبة على تعميق واستمرار الإنقسام ، لافتا إلى أن ممارساته الأخيرة خاصة في ما يتعلق بعرقلة مرتبات الموظفين والعسكريين في الشرق الليبي تجر البلاد لمربع ما قبل اتفاق وقف اطلاق النار. ويضيف أن تدخلات الدبيبة في شؤون النفط والغاز قد تؤدي لعودة شبح اغلاق النفط مجددا خاصة بعد التزام المؤسسة الوطنية للنفط بقرار البرلمان تجميد إيرادات النفط في انتظار اعتماد الميزانية العامة بعد عملية استلام السلطة من الحكومة المكلفة من البرلمان. وأضاف أن استمرار باشاغا في الإتصالات بكافة الفئات السياسية والإجتماعية والعسكرية غايته دخول حكومته إلى طرابلس بشكل سلمي ومنظم والبدء في العمل من خلال قوة القانون الذي يلزم كافة المؤسسات السيادية والخدمية و الإدارات الحكومية التعامل مع الحكومة التي نالت ثقة البرلمان و تزكية مجلس الدولة. وخلّص السنوسي، إلى أن الوضع السياسي الليبي المرتبك حاليا لا يحتمل تدخلات دولية ولكن يتطلب الأمر أن يحترم المجتمع الدولي سيادة واستقلال ليبيا وقرارات مؤسستها التشريعية في سحب ومنح الثقة لأي حكومة حسب الإتفاق السياسي الليبي المضمن في الإعلان الدستوري والأخير وخارطة الطريق الليبية التي توافق عليها مجلسي الواب والدولة، وهدفها الأسمى الوصول إلى إنتخابات رئاسية وتشريعية على أساس دستوري متوافق عليه. ويبدو مستقبل ليبيا اليوم غير واضح، حيث يطالب اثنان من رؤساء الوزراء بالسلطة، في حين تمارس الميليشيات المسلّحة المتنافسة والمتنافرة السلطة الفعلية على الأرض، بينما يدفع المجتمع الدولي نحو إعادة الزخم للانتخابات. واعتبر المحلل السياسي سليمان العتيري في تصريح لـ"العربية.نت"، أن كل من باشاغا والدبيبة بصدد خوض معركة الولاءات والاصطفافات من أجل الأيام القادمة، مشيرا إلى أن اجتماع الدبيبة مع قادة مليشيات مسلّحة، يبحث من ورائه على تعزيز القدرات الدفاعية القادرة على الدفاع على حكومته، بشراء ولاءاتهم حتى لو كان ذلك مقابل الوظائف والمال، خاصة بعد فشله في شراء أصوات من داخل البرلمان خلال منح الثقة لحكومة باشاغا. وتابع المتحدث نفسه، أن الدبيبة اختار ألا يبقى في موقع المتفرج واتجه إلى التشاور والجلوس مع التشكيلات المسلحة التي يراها قادرة على الدفاع على حكومته وتعزيز وجوده، لافتا إلى أن معركة الاصطفافات وراء المليشيات المسلحة لا يخوضها الدبيبة فقط، وإنمّا دخل باشاغا كذلك في مفاوضات مع قادة مليشيات مسلحة في الغرب الليبي، من أجل البحث عن تعزيزات تؤمن دخوله للعاصمة طرابلس. و"لكن هذا الطريق خطير وقد يقود إلى صراح مسلّح" حسب العتيري، الذي أكدّ أنّه في حال تمّ التعويل على المليشيات المسلّحة التي يتغيّر ولاءها في دقائق، لا يمكن أن يمرّ الوضع بسلام في منطقة الغرب الليبي، التي قد تشهد صراع مسلح في الأيام القادمة لن يكون في صالح الحكومتين، خاصة أن المجتمع الدولي يدفع باتجاه الانتخابات، لأنه يرى أن تهديد وعرقلة الوضع الأمني، أمر لا يمكن قبوله.
مشاركة :