دخلت تجارة السيارات في السعودية في حالة من الركود، بضغط شح المعروض وارتفاع الأسعار وقوائم الانتظار الطويلة بسبب ارتباك سلاسل التوريد وتقلص إنتاج الشركات نتيجة نقص الرقائق. ويقول تجار وعاملون بالقطاع إن قوائم الانتظار لشراء سيارة تجاوزت مدة الستة أشهر لتصل إلى أكثر من عام في البعض من الطرز، وهي ظاهرة نادرة في البلد الذي يشهد شحا حادا في المعروض لدى الوكالات التجارية بينما كان الأمر في السابق أكثر استقرارا. ولم يكن ذلك السبب الوحيد، فقد شهدت السوق المحلية ارتفاعا قياسيا في أسعار السيارات في المعارض الخارجية بنسب تتراوح ما بين 30 إلى 50 في المئة. عبدالرحمن الحسين: نحقق في تأخر تسليم الطلبيات وإعطاء أفضلية للوكالات ورصدت وكالة بلومبرغ الشرق أثناء جولة ميدانية بوكالات السيارات بالعاصمة السعودية الرياض، عدم توفر موديلات 2022 لدى الكثير من وكلاء السيارات اليابانية والأوروبية، في مقابل توفر جزئي للسيارات الأميركية. وبحسب البيانات الرسمية تراجعت واردات السعودية من السيارات خلال السنوات الأخيرة، بشكل ملحوظ، فمن 1.2 مليون سيارة في العام 2015، انخفضت المعدلات تدريجيا لتصل إلى 546 ألف سيارة بنهاية العام الماضي، وهو ما يعني انخفاضا يزيد عن النصف. وقال وكلاء سيارات يابانية لبلومبرغ إن قوائم انتظار السيارات الجديدة باتت تمتد حتى نصف عام، بينما أكد تجار السيارات الأوروبية أن الانتظار يتراوح ما بين ستة وتسعة أشهر على أقصى تقدير وذلك كنتيجة مباشرة لعدم استلام الوكلاء لأعداد السيارات المقررة منذ ما قبل الجائحة. وخلال السنوات القليلة الماضية أصبحت معارض السيارات والتجار والموزعون الخارجيون البديل في السعودية لوكالات السيارات المعتمدة. ووفقا للمتعاملين في السوق فإنه سيتم تسليم الإصدارات الفارهة المخصصة لهذا العام بعد أكثر من عام، أي مع نهاية النصف الأول من العام المقبل. وحتى تقف على ملابسات هذه الوضعية سارعت وزارة التجارة بالتحقيق في تأخر تسلم العملاء لسياراتهم وتفضيل البعض وكالات السيارات للمعارض والتجار عن المواطنين، فيما يشكل تلاعبا في حصص التوزيع المعدة سلفا نتيجة الحجوزات التي يقوم بها الأفراد. وغرد عبدالرحمن الحسين المتحدث باسم الوزارة عبر حسابه على تويتر يقول إن “الوزارة تقوم بالتحقيق حول ما يثار من إعطاء وكالات السيارات أفضلية بيع السيارات الجديدة لمعارض وتجار وتأخير تسليم الطلبيات للمستهلكين بحجة عدم وصولها”. وأشار الحسين إلى أنه سيتم اتخاذ عدد من الإجراءات لحماية المستهلك خلال الفترة المقبلة تشمل تقصي ممارسات وكالات السيارات ومراجعة مبيعاتها ومخزونها رصد أعداد ومصادر السيارات الجديدة في المعارض. كما ستتضمن التدابير العاجلة التحقق من أعداد السيارات المباعة للمعارض ومراجعة حجوزات المستهلكين ومواعيد تسليمها معاقبة الوكالات المخالفة مع إعطاء الأولوية لطلبات المستهلكين. الوكالات الكبرى بالسوق المحلية شهدت شحا حادا في عدد من الموديلات الأوروبية واليابانية ويرجع تجار السيارات الأزمة الراهنة إلى سلسلة من الأزمات المتتالية التي يشهدها القطاع عالميا على مدار العامين الماضيين، ومنها أزمات أشباه الموصلات وتعثر سلاسل الإمداد وتداعيات الجائحة والتي ساهمت في إغلاق معظم مصانع السيارات لفترات طويلة. وقال مستهلكون لبلومبرغ إن شراء سيارة أصبحت منذ بدء الأزمة الصحية وما تلاه من إغلاقات اقتصادية مهمة شاقة ومشابهة لشراء مسكن سواء من حيث فترة الانتظار أو الأسعار. وانتعشت تجارة السيارات في السوق السعودية منذ العام الماضي، فقد زادت المعارض أسعار بيع بنسب تجاوزت الضعف في بعض الأحيان. وبحسب عملاء طلبوا شراء سيارة فارهة من أحد المعارض الخارجية فقد وصل السعر إلى نحو 1.3 مليون ريال (350 ألف دولار) للاستلام الفوري، في مقابل سعر رسمي في وكالات السيارات لا يزيد عن 600 ألف ريال (159.4 ألف دولار). ويعيش سوق السيارات السعودية، تغيرات جوهرية منذ إعلان ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عن برنامج التحول و”رؤية 2030″، منها رفع قيمة ضريبة القيمة المضافة من 5 إلى 15 في المئة. وشهدت الوكالات الكبرى بالسوق المحلية شحا حادا في عدد من الموديلات الأوروبية واليابانية منها تويوتا ولكزس ومرسيدس وبنتلي وجي.أم.سي ورانج روفر وغيرها. في المقابل تعافى معروض السيارات الأميركية بشكل نسبي بعد الحرب الروسية الأوكرانية. وقال المدير الإداري لشركة الجفالي وكيل مرسيدس خالد النهاري إن “الأزمة الأوكرانية جاءت في صالح وكلاء السيارات الأميركية بالسعودية”. وأوضح النهاري، وهو عضو اللجنة الوطنية للسيارات، أن نمو المعروض جاء بعد “إيقاف تصدير السيارات الأميركية باتجاه السوق الروسية وتحويلها إلى منطقة الشرق الأوسط”.
مشاركة :