ألقى التضخم واضطراب سلاسل التوريد العالمية بظلال قاتمة على تجارة السيارات في مصر مما أدخلها في حالة من الركود ظهرت أعراضه بشكل كبير خلال الآونة الأخيرة. ويقول تجار وعاملون بالقطاع إن الزبائن باتوا قلة لأسباب من بينها ارتفاع الأسعار، والذي دفع الكثير من المصريين لصرف النظر عن الدخول في مغامرة من هذا النوع حاليا في انتظار تحسن أوضاع السوق. وتسببت الحرب الروسية – الأوكرانية في إرباك هذه التجارة في الكثير من الأسواق، وهو ما حصل تماما في السعودية، كما جعلت من الصعب أن يتأقلم الناس مع التحولات المتسارعة في التضخم. ففي شارع فيصل المزدحم بمحافظة الجيزة جنوب غرب القاهرة تصطف السيارات الجديدة والمستعملة أمام أحد المتاجر، في حين يمر الزبائن لمعرفة الأسعار لكنهم مترددون في إبرام صفقات شراء وسط ضغط التضخم المستمر وانخفاض قيمة العملة المحلية. أسامة أبوالمجد: نتوقع ارتفاع الأسعار بنحو 20 في المئة بنهاية هذا العام وأكد صاحب المتجر إبراهيم المصري أن سوق السيارات الجديدة تعاني من الركود منذ ثلاثة أشهر، إذ أصبح المزيد من المستهلكين، الذين تأثروا سلبا بزيادة التضخم، قلقين للغاية من ارتفاع الأسعار سواء بالنسبة إلى المركبات الجديدة أو المستعملة. ونسبت وكالة شينخوا إلى المصري قوله إن “أسعار البعض من الموديلات الجديدة زادت بنسبة 30 في المئة بعد قرار البنك المركزي في مارس الماضي بتخفيض قيمة الجنيه بنسبة 14 في المئة مقابل الدولار، بعد أن حافظ على استقرار العملة لعام ونصف العام”. كما أشار إلى أن تعطل سلاسل الإمداد وارتفاع تكاليف الشحن بسبب الأزمة الأوكرانية المستمرة من الأسباب المهمة لركود مبيعات السيارات في السوق المحلية. وحتى يتمكن من تحريك أعماله، يوفر متجر المصري عدة أنواع من برامج التقسيط تصل إلى سبع سنوات لجذب المزيد من المشترين. وتشير التقديرات إلى أن مبيعات السيارات الجديدة منذ مطلع أبريل الماضي وحتى العشرين من هذا الشهر تراجعت بنسبة 80 في المئة بمقارنة سنوية، بينما ينمو الطلب على السيارات المستعملة. وأدى غلاء أسعار السيارات الجديدة إلى اندفاع عدد كبير من المشترين للبحث عن السيارات المستعملة، والتي شهدت أيضا ارتفاعا نسبيا في أسعارها. وللتغلب على هذه المشكلة ظهر اتجاه لتشجيع المستهلكين على شراء السيارات المستعملة كحل بديل مؤقت لحين إنعاش سوق السيارات الجديدة. وقد ساهمت منصات التواصل الاجتماعي في الترويج للسيارات المستعملة. واضطر محمد عبدالرازق، وهو مستشار تأمينات، لشراء سيارة فيات تيبو مستعملة بسعر 280 ألف جنيه (15 ألف دولار) بالتقسيط على مدى أربع سنوات بينما كان ثمنها 12.6 ألف دولار فقط قبل شهرين. وأكد لشينخوا أن قرار شراء سيارة مستعملة لم يأخذ الكثير من التفكير حتى يتخذه، وطالب في الوقت ذاته بتحديد هامش ربح رسمي وعادل لمراحل تداول السيارات بين الوكيل والموزع والبائع في مصر. غلاء أسعار السيارات الجديدة أدى إلى اندفاع عدد كبير من المشترين للبحث عن السيارات المستعملة وتظهر البعض من المؤشرات أن متوسط أسعار السيارات الاقتصادية الجديدة في السوق المصرية وصل إلى حدود 26.9 ألف دولار. وتؤكد رابطة تجار السيارات المصرية أن مخاوف السوق تفاقمت بسبب قيام الاحتياطي الفدرالي الأميركي (البنك المركزي) برفع معدلات الفائدة، والتي امتدت تأثيراتها إلى العديد من الاقتصادات الناشئة، مما أدى إلى المزيد من التقلبات في الأسواق المالية العالمية. وقال أسامة أبوالمجد رئيس الرابطة “لسوء الحظ، ألقت السياسات النقدية الأميركية بظلالها على الانتعاش الذي ظهر في مصر بعد الوباء، وسط مخاوف من الركود المتزايد في مصر”. وأشار إلى أن تلك التحركات المالية القاسية شكلت تأثيرا أكثر تكلفة على الأسواق الناشئة التي تقترض بالدولار لسداد ديونها. ومن الواضح أن تأثير موجات التضخم العالمية كان محسوسا بشكل أكبر في مصر، التي تنفذ مشاريع تنموية على مستوى البلاد عالية التكلفة. وأوضح أبوالمجد أنه منذ أوائل العام الحالي ارتفعت أسعار السيارات بنسبة تتراوح بين 10 إلى 15 في المئة. وتوقع أن يصل إلى نحو 20 في المئة بنهاية العام الحالي. واستطرد أن نقص المعروض من السيارات وتوقف إنتاج الرقائق الإلكترونية من أكبر الشركات العالمية قد حدا من إنتاج الآلاف من السلع والمنتجات المختلفة خاصة السيارات، ما ساهم في ركود المبيعات في مصر. وباتت مصر سوقا ناشئة بارزة للسيارات المستعملة في الشرق الأوسط في مرحلة الانتعاش من الأزمة الاقتصادية بعد الجائحة، وسط توقعات أن يؤدي تدفق الخدمات التي تدعمها التكنولوجيا إلى دفع هذه الصناعة في المستقبل.
مشاركة :