يقول الدكتور عثمان عبدالملك رحمه الله: «إن مكامن الحرية ثلاثة: ضمائر حية، وقلوب زكية، وعقول ذكية، فإن خمدت روحها في مكامنها، فلا دساتير تنفع ولا قوانين تردع ولا محاكم تمنع.. فينكمش الصدق وترتفع هامات الكذب وتتوارى الشجاعة ويسود الجبن وينزوي الوفاء، فتنشط الخيانة وينكس العدل رأسه، ويعم الظلم وتتعالى صيحات النفاق، وتغني شياطينه وترقص أبالسته على أنغام المصلحة الشخصية». في الكويت ما زال مفهوم حرية الرأي والتعبير والفكر مجهلاً وملتبساً لدى كثيرين، وتحت هذا المفهوم ارتُكبت العديد من الجرائم، وتم خداع الناس والشباب تحديداً من قبل أولئك السياسيين المخربين، تحت زعم أن هذه الحرية تسمو وتتفوق على غيرها من الحريات، حتى اعتقد البعض أن من حقه أن يقول ما يشاء بجميع الصور والأشكال والوسائل، ولا يجب على أي أحد أن يصادر أو يحجر عليه رأيه، لأن كل ما يقوله أو يكتبه هو رأي أو وجهة نظر، لكن تناسى ذلك البعض عن عمد أو جهل وغشامة أن وجهة النظر شيء وقلّة الأدب شي آخر! بل إن كثيرين لا يفرقون بين حرية الرأي والسب والقذف والطعن بالأعراض والإساءة للكرامات، البعض يجهل أيضاً كيف يمارس هذه الحرية وما هي حدوده في ممارستها. في البداية حرية الرأي والتعبير تعني التزام القضية والمبدأ، وتشترط أن من يتمسك بها صاحب رأي، وهذا الرأي مقبول وخاضع للأخذ والرد والنقاش، ومثلما أن حرية الرأي والتعبير مكفولة كذلك حق التقاضي مكفول للناس وفقاً للمادة 166 من الدستور، فالحقوق الدستورية متساوية، ويجب ألا يسمو حق على حق، وألا تعلو مادة على مادة، والدستور كتلة متكاملة من الحقوق والواجبات، لكن جماعة «تويتر» ربما لا يعجبهم هذا الكلام، لأن تويتر أصبح غولاً يخشاه الجميع، وأولهم الحكومة التي لم تستطع أن تتعامل مع هذا الوحش الجديد القادم من الفضاء الواسع، بل خضعت له ولم تحرك أدواتها ومراكزها وأموالها للسيطرة عليه أو حتى الحد من تغوله، تويتر خطف الرأي العام، لكن قلّة قليلة لا تعلم أن هذا الرأي كاذب، كما قال أحدهم إن الرأي العام أكبر كذبة في التاريخ، وهو ما حدا سمو ولي العهد حفظه الله أن يحذّر من خطر «السوشيال ميديا» على الدولة والمجتمع، بسبب كمية الإساءات والتعريض بكرامات وسمعة المسؤولين والناس أجمعين، وهو الأمر الذي يتطلب أو يتوجب على الحكومة أن تُعيد حساباتها وتراجع خططها في كيفية التعامل مع «الميديا»، التي أسقطت دولاً وحكومات ورؤساء حتى لا يأتي اليوم الذي نندم عليه جميعاً.
مشاركة :