أيدت المحكمة العليا الاستئنافية المدنية الثانية حكما بإلزام موظف رد 20 ألف دينار لمصلحة إحدى الجهات الحكومية، قيمة مصروفات ابتعاثه للدراسة، بعد انتهاء العلاقة التعاقدية بينهما من دون أن يكمل مدة العمل المتفق عليها، حيث أكدت المحكمة أن النفقات أو المخصصات الدراسية للمبتعث في المنح الدراسية هي من الحقوق الشخصية الناشئة عن عقد الابتعاث، وبالتالي لا يسقط الحق في المطالبة بردها إلا بالتقادم الطويل وهو خمس عشرة سنة من تاريخ صرفها، وذلك ردا على مطالبة المدعي بسقوط الحق في الرد لكون المطالبة مر عليها أكثر من خمس سنوات. وذكرت المدعية في دعواها أن المدعى عليه يعمل لديها، وقامت بابتعاثه على نفقتها للدراسة خارج المملكة بموجب عقد ابتعاث يلتزم بموجبه بالعمل لديها فترة تساوي ضعفي مدة الابتعاث، إلا انه بعد أن سددت المدعية تكاليف الابتعاث قام بالتقدم باستقالته قبل استيفائه مدة العمل المتفق عليها في عقد الابتعاث، وهو ما يشكل إخلالا من جانبه بأحكام اتفاقية الابتعاث بالالتزام بالعمل لديها المدة المتفق عليها، كما تخلف عن سداد النفقات التي تكبدتها المدعية نظير ابتعاثه، فرفعت دعواها التي طلبت فيها إلزامه بسداد ما يقرب من 20 ألف دينار نظير تحملها تكاليف ابتعاث المدعى عليه للدراسة بالخارج، بعد أن قام بسداد 8 آلاف دينار فقط من الإجمالي المقدر بـ28 ألف دينار. وقد ألزمته محكمة أول درجة سداد المبلغ بعد أن رفضت مزاعم المدعى عليه ومطالبته بعدم سماع الدعوى للتقادم الخمسي للمبالغ المطالب بها، حيث أشارت إلى أن النفقات والمخصصات الدراسية للمبتعث في المنح الدراسية تعتبر من الحقوق الشخصية الناشئة عن عقد الابتعاث مؤدى ذلك عدم سقوط الحق في المطالبة بها إلا بمضي خمس عشرة سنة من تاريخ استحقاقه، ولما كانت أساس المبالغ المطالب بها من قبل المدعية هي عبارة عن النفقات والمخصصات الدراسية التي صرفت للمدعى عليه بصفته مبتعثا في المنح الدراسية، ومن ثم فهي تعتبر من الحقوق الشخصية الناشئة عن عقد الابتعاث والتي لا يسقط الحق في المطالبة بها إلا بمضي خمس عشرة سنة من تاريخ استحقاقها. وقالت المحكمة إن التعهد بخدمة مرفق عام مدة محددة مع التزام المتعهد برد ما أنفقه المرفق على تدريب المتعهد علميًا وعمليًا في حالة إخلاله بالتزامه هو عقد إداري تتوافر فيه خصائص ومميزات هذا العقد، ومن حيث إنه متى كانت نية المتعاقدين -على ما يكشف عنها صريح عبارة العقد ومفهومها الصحيح- هي إلزام عضو البعثة أو الإجازة الدراسية أن يخدم الجهة التي أوفدته مدة معينة بعد إتمام بعثته، وذلك على أساس أنها أوفدته لدراسة تخصص معين هي في احتياج إليه، ومن ثم يجب أن يخدمها للاستفادة من خبراته التي اكتسبها من البعثة، كما أن مصدر هذا الالتزام هو العقد، ومن ثم لا يوجد إجبار أو إلزام بأداء عمل، بل إن المبعوث انخرط في البعثة بمشيئته وإرادته وهو يعلم أو يفترض علمه بأحكام العقد، منها التزامه بعد إتمام البعثة أو الإجازة بخدمة الجهة التي أوفدته، حيث إنها تكبدت مصاريف ونفقات طائلة في سبيل حصوله على درجة علمية أو خبرة معينة لكي تستفيد من هذه الخبرة العلمية بالعمل لديها مدة محددة، فإذا أخلّ العضو بهذا الالتزام وجب عليه رد جميع المرتبات والنفقات التي صرفت عليه طوال فترة وجوده بالخارج، ويترتب على استقالة العضو أو إنهاء خدمته من الجهة الموفدة قبل قضاء المدة المقررة مخالفته للالتزام الأصلي بخدمة الجهة الموفدة، واللجوء إلى الالتزام البديل، وهو سداد المرتبات والنفقات. وأشارت إلى أن الثابت من الأوراق أن المستأنف ضدها قامت بابتعاث المستأنف لإتمام دراسته الجامعية بالخارج على نفقتها وهو ما لم ينكره المستأنف، وبعد انتهاء البعثة عاد المستأنف للعمل لدى المستأنف ضدها إلا أنه لم يستمر في العمل المدة المقررة قانوناً والملزم بها، وهو ما لم ينكره أو يجحده المستأنف، الأمر الذي تستخلص منه المحكمة عدم التزام المستأنف بخدمة المستأنف ضدها المدة المقررة قانوناً، وبذلك يكون قد أخل بالتزامه الأصلي بخدمة المستأنف ضدها المدة المقررة قانوناً، ولذلك فإن الالتزام البديل برد النفقات يتحقق بمجرد إخلاله بالالتزام الأصلي، وكان الثابت من الأوراق أن تكاليف البعثة الدراسية مبلغ 28200 دينار وأن المستأنف قام بسداد مبلغ 9165 دينارا، ومن ثم يضحي المبلغ المتبقي في ذمة المستأنف من قيمة تكاليف البعثة الدراسية مبلغ 19035 دينارا، ما يتعين معه القضاء بإلزام المستأنف برد هذه المبالغ للمستأنف ضدها.. وأضافت أن المستأنف لم يأت بجديد يؤثر في سلامة الحكم المستأنف، ومن ثم يضحي الاستئناف الماثل قائما على غير أساس متعينا القضاء برفضه وتأييد الحكم المستأنف لأسبابه وما تقدم من أسباب وهو ما تقضي به المحكمة.
مشاركة :