تحلل دراسة حديثة، أصدرها مركز تريندز للبحوث والاستشارات، تحت عنوان: «الحدث السويدي وتطبيع ليمين المتطرف في أوروبا»، المظاهر والعوامل الرئيسة لظاهرة اليمين المتطرف في أوروبا على مستويي الأفكار والممارسة السياسية، مسلطة الضوء على الإنجازات الانتخابية التي حققتها أحزاب اليمين المتطرف في عددٍ من الدول الأوروبية باعتبارها من أهم مؤشرات التطبيع، خصوصاً بعدما أقدم زعيم حزب «الخط الصلب» اليميني المتطرف، راسموس بالودان، على إحراق نسخ من القرآن الكريم، وما صاحبه من عنفٍ وعنفٍ مضاد في السويد، ما يلقي الضوء مرة أخرى على ظاهرةٍ قديمةٍ جديدة في أوروبا، وهي ظاهرة صعود اليمين المتطرف. أكدت الدراسة التي أعدها محمد السالمي، الباحث ومدير إدارة التدريب في«تريندز»، أن معظم أحزاب وتيارات اليمين المتطرف تحمل رؤى ضد الإسلام، وتتبنّـى نوعاً من القومية الإثنية، وتروّج لنفسها على أنها المخلّص للحضارة الغربية من التهديد الذي يمثله المهاجرون، فمنذ عام 2016 برز تطبيع سريع للأفكار الشعبوية لليمين المتطرف في مجتمعات أوروبية مختلفة؛ فالخطاب العنصري والتكتيكات الخطابية لليمين المتطرف تم تبنّـيها بواسطة أحزاب التيار الرئيس ووسائل الإعلام السائدة. وترى الدراسة أن النجاح الانتخابي لأحزاب اليمين المتطرف في دول أوروبية عدة يعني أن وسائل الإعلام السائدة تستضيف السياسيين المنتمين إلى هذه الأحزاب مثل غيرهم من السياسيين الحزبيين المنتخبين ديمقراطياً؛ وبهذه الطريقة، تُصبح رؤى وتصورات اليمين المتطرف لعالمي الأحداث والأفكار طبيعية وجديرة بالتقدير، حتى باتت القضايا التي تنبع من أيديولوجية اليمين المتطرف محور النقاش العام في أوروبا، وعلى رأسها الهجرة، ومكافحة التعددية الثقافية، وتعزيز الهوية، ومستقبل التكامل الأوروبي. كما سيطرت هذه القضايا على طاولات النقاش والمناظرة للتيار الرئيسي من الأحزاب السياسية، سواء يمين الوسط أو يسار الوسط. وأشارت الدراسة إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي، ولاسيما فيسبوك، أتاحت منصةً مهمة لأنصار اليمين المتطرف للتعبير عن آرائهم ومعتقداتهم ونشرها، وقام عدد من الدارسين بتحليل مضمون الاتصال على فيسبوك خلال أزمة جائحة كورونا، ولاحظوا تطبيعاً لبعض اتجاهات آراء اليمين المتطرف وقبولاً لها ضمن التيار الرئيسي من المستخدمين، ويتضح ذلك من وجود سمات شعبوية، بل وتأثير لنظريات المؤامرة، في تفاعلات المستخدمين بشأن الجائحة العالمية، وهي أهم سمات أيديولوجية اليمين المتطرف. وبينت أن فشل بعض النخب السياسية في التعامل مع تداعيات الأزمة الصحية التي فجَّرتها جائحة «كوفيد 19» وفَّرت تربة خصبة للأفكار الشعبوية العنصرية لليمين المتطرف، ولاسيما المعادية للمؤسسة والقومية الإثنية ورهاب الأجانب، فأصبح رهاب الأجانب أكثر من العنصرية ومرتبط بشعبوية اليمين المتطرف، وقد صكَّ بعض الدارسين مصطلح«شعبوية رهاب الأجانب» لتمييز أيديولوجية اليمين المتطرف، وعزاها إلى موجة اللاجئين الجديدة إلى أوروبا منذ عام 2015. وخلصت الدراسة إلى أن في صلب أفكار اليمين المتطرف نظرة عالمية مانوية تلخص كل شيء في فكرتي الخير والشر، وتتعارض مع فكرة الحلول الوسط التي تقوم عليها الديمقراطية الليبرالية، وقد ظهرت هذه الفكرة في أوروبا أثناء الحرب الأوكرانية الراهنة، فمن أجل خلق حقيقة بديلة تغطي على العنصرية الأوروبية تجاه اللاجئين السوريين وغيرهم وتجاه اللاجئين غير البيض من أوكرانيا، تم الترويج لفكرة أنه يجب على دول الشرق الأوسط أن تعتني بجيرانهم اللاجئين كما تعتني الدول الأوروبية باللاجئين الأوكرانيين. تابعوا أخبار العالم من البيان عبر غوغل نيوز طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :