أقتطف هنا بعض أقوال الدكتور عبدالرحمن حسن المحسني، مدير مركز البحوث والدراسات الاجتماعية بجامعة الملك خالد حول الكتابة التفاعلية نظرًا لأهميتها: «القصيدة التفاعلية أو الالكترونية مازالت محل جدل واسع، كما أنها مازالت خاضعة للتجريب؛ وذلك لأنها القصيدة التي يمتزج فيها البصري بالسمعي بالتخيُّلي في تداخل جمالي لمنظومة من معطيات التكنولوجيا. يراهن المؤسسون لهذا الشكل على علم الجمال، ويزعمون أنه قادر على ابتكار أشكال جديدة للنص. هذه الأشكال تدمج بين الفنون من ناحية، وتجعل المتلقي مساهمًا فيها مساهمة فعلية من ناحية أخرى. أقول ذلك لأن النص الالكتروني التفاعلي سيكون نصيبه من الشعر/ الشعر، أي الذي يتعامل مع اللغة ممثلة للدهشة قليلة، وسيكون النصيب الأكبر للأدوات الجمالية التقنية الأخرى. من هنا أرى أن ما يظنه بعضهم أنه سيضيف إلى النص سيسلبه كثيرًا من خصوصيته. أقول خصوصيته؛ لأن هناك ما سيهشمه.. ما سيكسر بناه الداخلية، وما سيتدخل فيه بشكل عميق. على ضوء ذلك أرى أن نصًّا شعريًّا كهذا قد يكون مشوقًا، لكن قد يكون مشوهًا؛ وبالتالي لن يكون ناجحًا على الأقل في الآن القريب. ولو نجحت التقنية في تحقيق ذلك فسيخسر الشعر كثيرًا؛ إذ سينتقل من الإبداع المتولد من المنظومة العميقة لذات الشاعر إلى منظومة إلكترونية لا تشكل فيها ذات الشاعر سوى جانب يسير منها». وسوف يستمر الجدل حول هذا الموضوع الذي ربما سيهدد معاقل الكتّاب ومكانة الأدب. وأنا شخصيًا لست ضد التجديد ولكن لدي تحفظا على الكتابة التفاعلية على الأقل في الوقت الحالي، مؤكدًا ايماني بأن التطور والتغيير هما من مقومات العصر ولا يمكن لأحد أن يقف في وجه التغيير فهو آتٍ آتٍ لا محالة، لأنني مؤمن بأن الكتابة فعل إبداعي يعتمد بالدرجة الأولى على الموهبة الشخصية والثقافة والتجربة. وأعتقد أن هذه الموجة سوف تلقى رواجًا كبيرًا وخاصة من الجيل الجديد، لكن هذه الموجة ربما سوف تسيء للأدب أكثر مما سوف تفيده، وهي محاولة استسهال لعملية الكتابة وفتح الأبواب مشرعةً أمام كل من هب ودب للدخول إلى عالمها، موهوبًا أو غير موهوب. ويبدو لي أن هذا التوجه يعتمد ويستفيد من شغف الجيل الجديد بالألعاب الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي، وهذا أمرٌ بالغ الخطورة في رأيي لأنه سوف يحوّل العملية الإبداعية إلى مجرد لعبة وليست عملية خلق وإبداع على الرغم من أن أمثال الكاتب محمد السناجلة وغيره من أصحاب النوايا الحسنة قد استحدثوا هذا التوجه في عالمنا العربي أو يرغبون في مواكبة هذه الطفرة في الغرب ضمن محاولات التجريب المستمرة لإيجاد بدائل مبدعة ومبتكرة، لكن في نظري أن هذا سوف يفتح الأبواب أمام الكثير من المدّعين في الدخول إلى الحلبة ليتحول الأدب إلى مجرد هزل وتسلية وهذا ما لا نريده بالتأكيد. التجريب في المسار الإبداعي مطلوب، لكن هذا التجريب يعتمد على التفاعلية بين الكاتب والقارئ (المرسل/المتلقي) بتحويل المتلقي إلى كاتب والكاتب إلى متلقي وإضافة صور متحركة والاستعانة بوسائل التواصل الاجتماعي وتحويل النص إلى أكثر من لغوية. أعتقد أن هذه الظاهرة قد تكون خطيرة وتهشّم ما تبقى من جمال الأدب وقدسيته. ربما أكون مخطئًا أو متسرّعا، ربما، وقد يضيف هذا التوجه جماليات لا حصر لها إلى النص كما يقول روّاد هذه الحركة، ولكن الوقت ما زال مبكرًا، لذلك يجب أن نستقبل هذه «الموضة» بكثير من التحفظ حتى تثبت العكس. Alqaed2@gmail.com
مشاركة :