100 مهنة انقرضت في منطقة القبائل الجزائرية

  • 12/10/2015
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

هذا الذي ينسج السلال ويصنع الحصر وغيرها، مما ينسج بالنباتات والخيوط الطبيعية، ربما ورث المهنة عن والده، لكن بالتأكيد لم يورّثها لولده. وليس لدى ولده هذا الاستعداد والصبر حتى لرؤية والده وهو يكد، ربما منه انتهت سلالة السلَّالين والحصارين وتشكيلة كاملة من الصناعات التقليدية البسيطة والجميلة في آن معا. الكثير من الحرف التي كانت قبل عقود مزدهرة، انقرضت الآن بفعل المدنية وابتعاد الأجيال عنها، والكثيرون يرون في هذا أمراً طبيعياً، كون جيل اليوم درس واكتشف طرقاً جديدة للحياة بعيداً عن معاناة الأجداد، لكن ثمة من يرى أنه لا تناقض بين المدنية والحفاظ على الموروث الجميل، خاصة في هذه الحرف التي تعتمد على مواد طبيعية منسجمة مع نظافة البيئة. في منطقة القبائل أحصى هواة الحرف القديمة أكثر من مئة مهنة كان يحترفها القرويون قبل ستين عاماً، فقد انقرضت تماماً ولم يعد لها أثر، وعشرات من الحرف الأخرى صارت نادرة، فلقد كان القروي يصنع سقف منزله من القصب ويغطيه من المطر والحر بالقرميد التقليدي، الذي يعد في أفران طبيعية، وقودها مواد طبيعية من الأعشاب اليابسة وروث الحيوانات اليابس والخشب، والآن لا يوجد أثر لهذه الأفران ولا لهذا القرميد، أو سقف القصب، وحتى سقوف الألواح الخشبية لم تعد موجودة. كان الناس في الريف يتحلقون في مجموعات يمارسون حرفا مختلفة، فمنهم من يصنع ملعقة بعود شجر الزعرور، أو صحنا من خشب الجوز، ومنهم من ينسج سقف بيت أو حمالات تجفيف التين والعنب من القصب، أو ينهمك في نسج حبال من الأعشاب، أو يصنع محراثاً خشبياً، أو يخيط سرجاً لفرسه، أو يبني قدراً من طين، وغيرها من الصناعات البسيطة التي يقوم بها الناس، وهم يتسلون ويحكون ويضحكون، وكبار القوم يتمنون العودة إلى تلك الأجواء والطقوس التي يسمونها عادة،الزمن الجميل، ولو للحظات، منهم من يصل به الحنين حد البكاء على ماض انتهى، وغابت معالمة إلى الأبد، في حكايات الكبار يحضر هذا الماضي بقوة، لأنهم لم يستوعبوا القطيعة والنهاية والتحول الذي لا يلتفت إلى الوراء، فابن أو حفيد صانع السجاد والسلال يتسلى بالدردشة على الفيسبوك وتويتر لساعات وساعات في غرفة مغلقة، ويدهشه صبر ذاك الأب أو ذلك الجد، الذي يجلس في الهواء الطلق لنسج أشياء من مواد الطبيعة، يستعملها وتفيده في حياته اليومية.

مشاركة :